جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بسمع وطاعة.
ولقد بعث الله محمدًا على حين فترة من الرسل، وعلى حين تفرق بين الناس - خصوصًا العرب - تفرقا شديدا، وكانوا في ضلال مبين، كما وصفهم الله ﷿ بقوله: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ ١. قال ابن كثير: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ﴾؛ أي: من قبل هذا الرسول. ﴿لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾؛ أي: لفي غيٍّ وجهلٍ ظاهر جلي بيَّن لكل أحد"٢.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "اعلم أن الله سبحانه تعالى أرسل محمدا ﷺ إلى الخلق، وقد مقت أهل الأرض: عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، ماتوا - أو أكثرهم - قبل مبعثه. والناس إذ ذاك أحد رجلين: إما كتابي معتصم بكتاب إما مبدل وإما منسوخ، أو بدين دارس، بعضه مجهول، وبعضه متروك، وإما أمي من عربي وعجمي، مقبل على عبادة ما استحسنه وظن أنه ينفعه: من نجم، أو وثن، أو قبر، أو تمثال، أو غير ذلك. والناس في جاهلية جهلاء، من مقالات يظنونها علما وهي جهل وأعمال يحسبونها صلاحا وهي فساد. وغاية البارع منهم علما وعملا: أن يحصل قليلا من العلم الموروث عن الأنبياء المتقدمين مشوبا بأهواء المبدلين والمبتدعين قد اشتبه عليهم حقه بباطله، أو يشتغل