The Quranic Phenomenon
الظاهرة القرآنية
Penyiasat
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Penerbit
دار الفكر
Nombor Edisi
الرابعة
Tahun Penerbitan
١٤٢٠ هـ -٢٠٠٠م
Lokasi Penerbit
دمشق سورية
Genre-genre
وحيث نزل أهل الجاهلية الذين أسلموا نزل معهم الذكر الحكيم، ونزل شعر الجاهلية وتدارسوه وتناشدوه، وقوموا به لسان الذين أسلموا من غير العرب. وأصبح زاد المتفقه في معرفة معاني كتاب ربه، هو مدارسة الشعر الجاهلي، لأنه لا يستقل أحد بفهم القرآن حتى يستقل بفهمه وحسبك أن تعرف مصداق ذلك قول الشافعي فيما بعد، في القرن الثاني من الهجرة: «لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله، إلا رجلًا عارفًا بكتاب الله، بناسخه ومنسوخه ومحكه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله ومكيه ومدنيه وما أريد به. ويكون بعد ذلك بصيرًا بحديث رسول الله ﷺ وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيرًا باللغة بصيرًا بالشعر، وما يحتّاج إليه للسنة والقرآن». فليس يكفي أن يكون عارفًا بالشعر، بل بصيرًا به أشد البصر، كما قال الشافعي ﵀، والذي قاله الشافعي بعد قرن، هو الذي جرى العمل عليه في أول الإسلام.
واستفاضت بالمسلمين الفتوح، واستفاض معهم شعر جاهليتهم، وأسلمت الأمم ودخلت في العربية كما دخلت في الإسلام، ونزل بيان القرآن كالغيث على فطرة جديدة، فطرة أهل الألسنة غير العربية، بعد أن رويت من بيان الجاهلية في الشعر الجاهلي. وامتزجت العرب من الصحابة والتابعين وأبنائهم، بأهل هذه الألسنة التي دخلت في العربية، فنشأ من امتزاج ذلك كله بيان جديد، ظل ينتقل ويتغير ويتبدل جيلًا بعد جيل، ولكن بقي أهله بعد ذلك كله، محتفظين بقدرة عتيدة حاضرة، هي تذوق البيان تذوقًا عليمًا، يعينهم على تمييز بيان البشر كما تعهده سلائقهم وفطرهم، وبيان القرآن الذي يفارق خصائص بيانهم من كل وجه.
ثم فارت الأرض بالإسلام من حد الصين شرقًا إلى حد الأندلس غربًا، ومن حد بلاد الروم شمالًا إلى حد الهند جنوبًا، وسمع دوي القرآن العربي في أرجاء الأرض المعمورة. وقامت المساجد في كل قرية ومدينة وازدحمت في ساحاتها
1 / 41