The Prophetic Biography between Narrated Traditions and Quranic Verses
السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية
Genre-genre
نعود لنناقش "وات" حيث ذكرنا قوله بعدم صحة القصة، مع قصة شق الصدر تاريخيًا، وأنه احتج بالعلمانيين في إنكار ما يود إنكاره وتضطره نتيجة البحث المسبقة إلى نفيه، وقد نفاه هنا بما لا يعتقده حيث يدعي أنه يكتب كموحد، ومعنى ذلك أنه إذا لم يسعفه التوحيد، أسعفه الكفر! للأسف! فكلاهما حق عندما ينظر إلى الإسلام، وكما وعدنا سنزيد ردًا قليلًا هنا حيث رددنا هنالك عقب قصة شق الصدر ردًا مطولًا، أما ما نزيده هنا:
فأوله: أن إنكار "وات" للقصة فإنه لما تحمله من مضامين دينية، إذ هي اعتراف مسيحي بنبوة النبي ﷺ من حبر من أحبارهم، أو راهب من رهبانهم انتهى إليه علم النصارى، وهو ما سعى "وات" في كل كتاباته لنفي نبوة الرسول ﷺ بل حاول كذلك في كل كتاباته أن يثبت التأثير المسيحي اليهودي على تعاليم الإسلام، وأنه ليس إلا خليطًا منها متوائمًا مع البيئة العربية كما أشرنا من قبل (١).
الملحوظة الثانية:
وهي قضية "وات" أيضًا، وهي التأثير اليهودي - المسيحي على تعاليم الإسلام، فقد ذكر بعض المستشرقين هذه الأضحوكة، وهي أن الرسول ﷺ في هذه الرحلة تلقى علم التوراة من بحيرى في هذا اللقاء العابر، ومأدبة العمل هذه، وهو في سن الثانية عشر على الأكثر، بعد أن تأكد بحيرى أن محمدًا ﷺ هو سيد العالمين، ورحمة الله للعالمين، كيف لغلام في الثانية عشر من عمره أن يتلقى علم التوراة، ويكون له أثره عليه وعلى تعاليم دينه في ساعة من الزمان، وهم يأكلون، ليس هناك إذن أسوأ من الاستخفاف بالعقل وقلب الحقائق بسبب التعصب الأعمى.
(١) انظر عبد الله النعيم "الاستشراق في السيرة النبوية" (٦١ - ٦٢).
1 / 202