إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ، لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ، وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ ١، فلما فرغ رسول الله ﷺ من قراءة هذه الآيات، لم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب٢.
ثانيًا: التخطيط للهجرة
قدرة الله غالبة، وأمره ﷾ نافذ، وكان من اليسير أن يزيل الكفر والكافرين بـ: "كن"، لكن إرادة الله قضت بجريان أمور الدعوة على عادة البشر وسنن الحياة، ليتملى المسلمون حركة القدرة الإلهية، وينظروا في مسار الأمور اعتبارًا وعظة، ولذلك كانت الهجرة عملا بشريًا، راعت كافة الاحتمالات، ورسمت منهجًا للحركة الصحيحة، وقد أعان الله تعالى رسوله والمسلمين على النجاح، وقدر لهم أن يتم أخطر عمل في حياة المسلمين بفكر البشر، ليكون دليلا للمستقبل ومبدأ للتأسي، وقد عالجت الخطة جميع الجوانب التي نلحظها في الأمور التالية:
١- الإعداد المسبق للهجرة:
أعد الرسول ﷺ للهجرة عدتها قبل أن يتحرك من بيته.
تقول عائشة ﵂: فبينما نحن يومًا جلوس في بيت أبي بكر في نحر١ الظهيرة قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله ﷺ جاء متقنعًا٢ في ساعة لم يكن يأتينا فيها!