The Nine Issues
المسائل التسع
Penerbit
مكتبة الإيمان
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٠٥
Lokasi Penerbit
المدينة المنورة
Genre-genre
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على أشرف الْمُرْسلين سيد الْأَوَّلين والآخرين سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ
الْمَسْأَلَة الأولى
قَالَ الْقَدُورِيّ وَلَا الأستئجار على الْأَذَان وَالْحج وَكَذَا الامامة وَتَعْلِيم الْقُرْآن والاصل ان كل طَاعَة يخْتَص بهَا الْمُسلم لايجوز الِاسْتِئْجَار عَلَيْهِ عندنَا وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يَصح فِي كل مَالا يتَعَيَّن على الْأَجِير لانه اسْتِئْجَار على عمل مَعْلُوم غير مُتَعَيّن عَلَيْهِ فَيجوز وَلنَا قَوْله ﵊ اقرؤا الْقُرْآن والاتأكلوا بِهِ وَفِي آخر مَا عهد رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم الى عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ وان اتَّخذت مُؤذنًا فَلَا تَأْخُذ على الْأَذَان اجرا
ولان الْقرْبَة مَتى حصلت وَقعت عَن الْعَامِل وَلذَا تعْتَبر اهليته فَلَا يجوز لَهُ اخذ الاجرة من غَيره كَمَا فِي الصَّوْم وَالصَّلَاة ولان التَّعْلِيم مِمَّا لَا يقدر الْمعلم الا بِمَعْنى من قبل المتعلم فَيكون مُلْتَزما مَالا يقدر على تَسْلِيمه فَلَا يَصح
وَبَعض مَشَايِخنَا استحسنو االأستئجار على تَعْلِيم الْقُرْآن الْيَوْم لانه ظهر التوالي فِي الامور الدِّينِيَّة فَفِي الأمتناع يضيع حفظ الْقُرْآن وَعَلِيهِ الْفَتْوَى هِدَايَة من كتاب الاجارة
1 / 3
وَفِي الْبَزَّازِيَّة وَيكرهُ اتِّخَاذ الطَّعَام فِي الْيَوْم الأول وَالثَّالِث وَبعد الْأُسْبُوع وَنقل الطَّعَام الى الْقَبْر فِي المواسم واتخاذ الدعْوَة لقِرَاءَة الْقُرْآن وَجمع الصلحاء والقراء للختم اَوْ لقِرَاءَة سُورَة الْأَنْعَام أَو الاخلاص وَالْحَاصِل ان اتِّخَاذ الطَّعَام عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن لاجل الاكل يكره وفيهَا من كتاب الِاسْتِحْسَان وان اتخذ طَعَاما للْفُقَرَاء كَانَ حسنا ١ هـ
واطال فِي ذَلِك فِي الْمِعْرَاج وَقَالَ هَذِه الْأَفْعَال كلهَا للسمعة والرياء فيحترز عَنْهَا لانهم لايريدون بهَا وَجه الله تَعَالَى ١ هـ ج ١ ص ٩٤١ رد الْمُخْتَار
قَالَ فِي الْفَتْح وَيكرهُ اتِّخَاذ الضِّيَافَة من الطَّعَام من اهل الْمَيِّت لانه شرع فِي السرُور لافي الشرور وَهِي بِدعَة مستقبحة
روى الْأَمَام احْمَد وَابْن ماجة بِإِسْنَاد صَحِيح عَن جرير بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كُنَّا نعد الأحتماع الى اهل الْمَيِّت وصنعهم الطَّعَام من النِّيَاحَة ١ هـ الْمُحْتَار ج ١ ص ٩٤٠
وَبحث هُنَا فِي شرح الْمنية بمعارضة حَدِيث جرير الْمَار بِحَدِيث آخر فِيهِ انه ﵊ دَعَتْهُ امْرَأَة رجل ميت لما رَجَعَ من دَفنه فجَاء وَجِيء بِالطَّعَامِ اقول وَفِيه نظر فانه وَاقعَة حَال لاعموم لَهَا مَعَ احْتِمَال سَبَب خَاص بِخِلَاف حَدِيث جرير على انه بحث فِي الْمَنْقُول فِي مَذْهَبنَا وَمذهب غَيرنَا كالشافعية والحنابلة اسْتِدْلَالا بِحَدِيث جرير الْمَذْكُور على الْكَرَاهِيَة رد الْمُحْتَار ج ١٩٤١
ان الْقِرَاءَة بِشَيْء من الدُّنْيَا لَا تجوز وانما افتى الْمُتَأَخّرُونَ بِجَوَاز الِاسْتِئْجَار على تَعْلِيم الْقُرْآن لَا على التِّلَاوَة وعللوه بِالضَّرُورَةِ وَهِي خوف ضيَاع الْقُرْآن وَلَا ضَرُورَة فِي جَوَاز الأستئجار على التِّلَاوَة رد الْمُحْتَار ج ١٧٦٧
1 / 4
قَالَ صَاحب الطَّرِيقَة فِي آخر الْفَصْل الثَّالِث فِي بعض امور مبتدعة بَاطِلَة أكب النَّاس عَلَيْهَا على ظن انها قرب مَقْصُودَة وَهَذِه كَثِيرَة فلنذكر اعظمها مِنْهَا وقف الاوقاف سِيمَا النُّقُود لتلاوة الْقُرْآن اَوْ لَان يصلى نوافل اَوْ لَان يسبح اَوْ لَان يهلل اَوْ يصلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم وَيُعْطِي ثَوَابهَا لروح الْوَاقِف اَوْ لروح من اراده
وَمِنْهَا الْوَصِيَّة من الْمَيِّت باتخاذ الطَّعَام والضيافة يَوْم مَوته اَوْ بعده وباعطاء دَرَاهِم مَعْدُودَة لمن يَتْلُو الْقُرْآن لروحه اَوْ يهلل اَوْ يسبح لَهُ اَوْ بِأَن يبيت عِنْد قَبره رجال اربعين لية اَوْ اكثر اَوْ اقل اَوْ بِأَن يَبْنِي على قَبره وكل هَذِه بدع ومنكرات وَالْوَقْف وَالْوَصِيَّة باطلان والمأخوذ مِنْهُمَا حرَام للآخذ وَهُوَ عَاص بالتلاوة للقران وَالذكر لاجل حطام الدُّنْيَا الخ شِفَاء العليل ١٧٤
الْقيَاس عِنْد الْحَنَفِيَّة عدم الْأُجْرَة فِي التَّعْلِيم مُطلقًا وَجوز فِي الرقي خَاصَّة لهَذَا الحَدِيث على خلاف الْقيَاس وَهُوَ قَوْله ﵊ احق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ اجرا كتاب الله الخ وحملو الْأُجْرَة فِي الحَدِيث على الْأُجْرَة للرقية الخ
وان الحَدِيث خبر وَاحِد الا يُعَارض نَحْو نَص قَوْله تَعَالَى وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا الخ وَدَعوى دلَالَة النُّصُوص والاجماع على الْجَوَاز كذب وافتراء
فان دلَالَة الادلة الْأَرْبَعَة على عدم الْجَوَاز لقَوْله ﷾ قل لَا اسألكم عَلَيْهِ أجرا ان هُوَ الاذكر للْعَالمين
وَلقَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم اقرؤا الْقُرْآن وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وللأجماع على انه لاثواب الا بِالنِّيَّةِ وَهِي الْحَالة الباعثه على الْعَمَل الْمعبر عَنْهَا بالعزم
1 / 5
٦ - وَالْقَصْد وَلَا تُوجد فِيمَا نَحن فِيهِ فَلَا ثَوَاب وَلَا اجارة وَلَا بيع لانهما بِهِ مَا واردان على الْمَوْجُود وَالثَّوَاب هُنَا مَعْدُوم واما الْقيَاس فان الْقِرَاءَة مثل الصَّوْم وَالصَّلَاة فِي كَونهَا عبَادَة بدنية مَحْضَة فَكَمَا لَا تجوز الْأُجْرَة عَلَيْهِمَا لَا تجوز عَلَيْهَا الخ البريقة شرح الطَّرِيقَة المحمدية ج ٢ ١٢٦ من بَاب الرِّيَاء
وَعَن الحافط الْعَيْنِيّ فِي شرح الْهِدَايَة عَن الْوَاقِعَات وَيمْنَع الْقَارئ للدنيا والآخذ والمعطي آثمان وَكَانَ احتجاج الْمُعْتَرض بِالْحَدِيثِ والكتب الضعيفة كَانَ رَأيا فِي مُقَابلَة النَّص وترجيح الْمَرْجُوح على الرَّاجِح
وَقد كَانَ دَلِيل الْمُقَلّد هُوَ قَول من قَلّدهُ لَا غير ١ هـ البريقة ج ٢١٢٧ وانما مَذْهَب الْمُقَلّد فِيمَا يسْأَله مَذْهَب من يسْأَله عَنهُ هَذَا هُوَ الاصل اه الْملَل والنحل ج ١٣٥٧
الحكم والفتيا بالْقَوْل الْمَرْجُوح جهل وخرق للاجماع الدّرّ الْمُخْتَار ج ١٣٥٧ قَوْله بالْقَوْل الْمَرْجُوح كَقَوْل مُحَمَّد مَعَ وجود قَول ابي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى اذا لم يصحح اَوْ يقو وَجهه واولى من هَذَا بِالْبُطْلَانِ الافتاء بِخِلَاف ظَاهر الرِّوَايَة اذا لم يصحح والافتاء بالْقَوْل المرجوع عَنهُ ١ هـ ج رد الْمُحْتَار
مَسْأَلَة فِيمَن يقْرَأ ختمات من الْقُرْآن بِأُجْرَة هَل يحل لَهُ ذَلِك وَهل يكون مَا يَأْخُذهُ من الْأُجْرَة من بَاب التكسب اَوْ الصَّدَقَة
الْجَواب نعم يحل لَهُ اخذ المَال على الْقِرَاءَة وَالدُّعَاء بعْدهَا وَلَيْسَ ذَلِك من بَاب الْأُجْرَة وَلَا الصَّدَقَة بل من بَاب الْجعَالَة فَإِن الْقِرَاءَة لَا يجوز الِاسْتِئْجَار عَلَيْهَا لِأَن مَنْفَعَتهَا لَا تعود للْمُسْتَأْجر لما تقرر فِي مَذْهَبنَا من أَن ثَوَاب الْقِرَاءَة للقارئ لَا للمقروء لَهُ
1 / 6
وَتجوز الْجعَالَة عَلَيْهَا ان شَرط الدُّعَاء بعْدهَا وَإِلَّا فَلَا وَتَكون الْجعَالَة على الدُّعَاء لَا على الْقِرَاءَة هَذَا مُقْتَضى قَوَاعِد الْفِقْه وَقَررهُ لنا أشياخنا اه الْحَاوِي للفتاوي لجلال الدّين السُّيُوطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى ج ١١٢٦
فَأَما الاخذ على الرّقية فَإِن أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى اخْتَار جَوَازه وَقَالَ لابأس بِهِ وَذكر حَدِيث ابي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَالْفرق بَينه وَبَين مَا اخْتلف فِيهِ اي فِي تَعْلِيم الْقُرْآن ان الرّقية نوع من المداواة والمأخوذ عَلَيْهَا جعل والمداواة يُبَاح أَخذ الْأجر عَلَيْهَا والجعالة أوسع من الأجارة وَلِهَذَا تجوز مَعَ جَهَالَة الْعَمَل والمدة وَقَوله ﵊ أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله يَعْنِي بِهِ الْجعل أَيْضا فِي الرّقية لِأَنَّهُ ذكر ذَلِك أَيْضا فِي سِيَاق الْجَبْر اه المغنى لِابْنِ قدامَة رَحمَه الله تَعَالَى ٨ ٥ ج ٥ من الأجارة
مَذْهَب على رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ان الْحَظْر والاباحة اذا اجْتمعَا فالحظر أولى اذا تساوى سبباهما وَكَذَلِكَ يجب أَن يكون حكمهمَا فِي الْأَخْبَار المروية عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم وَمذهب أَصْحَابنَا يدل على أَن ذَلِك قَوْلهم وَقد بَيناهُ فِي أصُول الْفِقْه اه أَحْكَام الْقُرْآن ١٥٨ ج ٢
وَمِمَّا يدل على أَن التَّحْرِيم أولى لَو تَسَاوَت الْآيَتَانِ فِي ايجاب حكميهما أَن فعل الْمَحْظُور يسْتَحق بِهِ الْعقَاب وَترك الْمُبَاح لَا يسْتَحق بِهِ الْعقَاب والأحتياط والأمتناع مِمَّا لَا يُؤمن اسْتِحْقَاق الْعقَاب بِهِ فَهَذِهِ قَضِيَّة وَاجِبَة فِي حكم الْعقل اه احكام الْقُرْآن ج ٢ ١٥٩
وَمَتى ورد خبران فِي احدهما حظر شئ وَفِي الآخر اباحته فخبر الْحَظْر أولاهما
1 / 7
بِالِاسْتِعْمَالِ اه أَحْكَام الْقُرْآن ج ٢ ٢٣٨٧
قَالَ الامام البُخَارِيّ فِي كتاب فَضَائِل الْقُرْآن بَاب اثم من راآى بِقِرَاءَة الْقُرْآن أَو تَأْكُل بِهِ أَو فجر بِهِ
وَرُوِيَ فِيهِ ثَلَاثَة أَحَادِيث الحَدِيث الاول عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم يَقُول يَأْتِي فِي آخر الزَّمَان قوم حدثاء الاسنان سُفَهَاء الاحلام يَقُولُونَ من خير قَول الْبَريَّة يَمْرُقُونَ من الاسلام كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية لَا يُجَاوز ايمانهم حَنَاجِرهمْ فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فان قَتلهمْ أجر لمن قَتلهمْ
الثَّانِي عَن ابي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم يَقُول يخرج فِيكُم قوم تحقرون صَلَاتكُمْ مَعَ صلَاتهم وَصِيَامكُمْ مَعَ صِيَامهمْ وعملكم مَعَ عَمَلهم وقرؤون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية ينظر فِي النصل هُوَ حَدِيد السهْم فَلَا يرى شَيْئا وَينظر فِي الْقدح هُوَ السهْم فَلَا يرى شَيْئا وَينظر فِي الريش فَلَا يرى شَيْئا ويتمارى فِي الفوق بِضَم الْفَاء هُوَ مدْخل الْوتر
الثَّالِث عَن أبي مُوسَى الاشعري رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم قَالَ الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن وَيعْمل بِهِ كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب وَالْمُؤمن الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن وَيعْمل بِهِ كالتمرة طعمها طيب وَلَا ريح لَهَا وَمثل الْمُنَافِق الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن كالريحانة رِيحهَا طيب وطعمها مر وَمثل الْمُنَافِق الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن كالحنظلة طعمها مر خَبِيث وريحها مر ١ هـ
1 / 8
قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله يَقُولُونَ من قَول خير الْبَريَّة هُوَ من المقلوب وَالْمرَاد من قَول خير الْبَريَّة أَي من قَول الله تَعَالَى وَهُوَ الْمُنَاسب للتَّرْجَمَة
وَقَوله لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ ان المُرَاد أَن الايمان لم يرسخ فِي قُلُوبهم
وَمنا سبة هذَيْن الْحَدِيثين للتَّرْجَمَة أَن الْقِرَاءَة اذا كَانَت لغير الله تَعَالَى فَهِيَ للرياء أَو للتأكل بِهِ وَنَحْو ذَلِك
فالاحاديث الثَّلَاثَة دَالَّة لأركان التَّرْجَمَة لِأَن مِنْهُم من راآي بِهِ واليه الاشارة فِي حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
وَمِنْهُم من تَأْكُل بِهِ وَهُوَ مخرج من حَدِيث أَيْضا
وَمِنْهُم من فجر بِهِ وَهُوَ مخرج من حَدِيث أبي سعيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
وَقد أخرج أَبُو عبيد فِي فَضَائِل الْقُرْآن من وَجه آخر عَن أبي سعيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَصَححهُ الْحَاكِم رَفعه تعلمُوا الْقُرْآن واسألوا الله بِهِ قبل أَن يتعلمه قوم يسْأَلُون بِهِ الدُّنْيَا
فان الْقُرْآن يتعلمه ثَلَاثَة نفر رجل يباهي بِهِ وَرجل يستأكل بِهِ وَرجل يَقْرَؤُهُ لله
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن شبْل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَفعه أقرؤا الْقُرْآن وَلَا تغلو فِيهِ وَلَا تجفوا عَنهُ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وَسَنَده قوي
1 / 9
واخرج ابو عبيد عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَيَجِيءُ زمَان يسْأَل فِيهِ بِالْقُرْآنِ فاذا سألوكم فَلَا تعطوهم الخ فتح الْبَارِي ج ٩٨٢
قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم فِي الحَدِيث الاول فاقتلوهم الخ قَالَ مَالك من قدرعليه مِنْهُم استتيب فان تَابَ والا قتل
وَقَالَ سَحْنُون من كَانَ يَدْعُو الى بِدعَة قوتل حَتَّى يُؤْتى عَلَيْهِ أَو يرجع الى الله تَعَالَى وان لم يدع يصنع بِهِ مَا صنع عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ويسجن ويكرر عَلَيْهِ الضَّرْب حَتَّى يَمُوت اه عُمْدَة الْقَارئ على صَحِيح البُخَارِيّ ج ٢٠٦١
اقرؤوا الْقُرْآن وَاعْمَلُوا بِهِ وَلَا تجفوا عَنهُ وَلَا تغلوا فِيهِ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ ح ع طب هَب عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْجَامِع الصَّغِير ج ٢٦٥ قَالَ الْبَيْهَقِيّ رجال أَحْمد ثِقَات
وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح سَنَده قوي شرح الْجَامِع الصَّغِير من بَاب الْهمزَة
عَن ابْن شبْل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَرْفُوعا اقرؤا الْقُرْآن وَلَا تغلوا فِيهِ وَلَا تجفوا عَنهُ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ أخرجه أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن أبي شَيْبه وَعبد الرَّزَّاق ورجالهم ثِقَات فقه السّنَن والاثار ٣١٥
قَوْله أَحْمد ٤٣٨ ج ٣ وَفِي مجمع الزَّوَائِد رِجَاله ثِقَات ٩٥ ج ٤ قَوْله رِجَالهمْ ثِقَات
1 / 10
روى ابْن رَاهَوَيْه وَابْن ابي شيبَة عَن وَكِيع عَن هِشَام الدستوَائي عَن يحيى بن ابي كثير عَن ابي رَاشد الحبراني عَن عبد الرَّحْمَن ابْن شبْل وَبِه روى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن يحيى بن ابي كثير عَن زيد بن سَلام عَن جده ابي رَاشد الحبراني كَذَا فِي نصب الرَّايَة ٢٣٧ ج ٢
وَعَن ابي بن كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم بشر هَذِه الْأمة بالسناء والرفعة وَالدّين والتمكين فِي الارض فَمن عمل مِنْهُم عمل الاخرة للدنيا لم يكن فِي الْآخِرَة نصيب رَوَاهُ أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الاسناد
وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم بشر هَذِه الامة بالتيسير والسناء والرفعة والتمكين فِي الْبِلَاد والنصر فَمن عمل مِنْهُم بِعَمَل الْآخِرَة للدنيا فَلَيْسَ لَهُ فِي الأخرة من نصيب اه التَّرْغِيب والترهيب ٦٥ ج ١
وَرُوِيَ عَن الْجَارُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم من طلب الدُّنْيَا بِعَمَل الْآخِرَة طمس وَجهه ومحق ذكره واثبت اسْمه فِي النَّار رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
وَعَن ابي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم يخرج فِي آخر الزَّمَان رجال يختلون الدُّنْيَا بِالدّينِ يلبسُونَ للنَّاس جُلُود الضَّأْن من اللين ألسنتهم أحلى من الْعَسَل وَقُلُوبهمْ قُلُوب الذئاب يَقُول الله ﷿ أبي يغترون أم عَليّ يجترؤون فِي حَلَفت لَأَبْعَثَن على اولئك مِنْهُم فتْنَة تدع الْحَلِيم حيران رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة يحيى بن عبيد سَمِعت أبي يَقُول
1 / 11
سَمِعت ابا هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَذكره وَرَوَاهُ مُخْتَصرا من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَقَالَ حَدِيث حسن اه التَّرْغِيب والترهيب ص ٦٤ ج ١
وَعَن بُرَيْدَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم من قَرَأَ الْقُرْآن يتأكل بِهِ النَّاس جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه عظم لَيْسَ عَلَيْهِ لحم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان مشكاة المصابيع ص ١٩٣ من فَضَائِل الْقُرْآن اخْتلفُوا فِي الْعَام الْوَارِد على سَبَب خَاص بِحَسب اخْتِصَاصه بِهِ على أَرْبَعَة اقسام
لَان الْعَام لَا يَخْلُو اما ان يكون واردا جَزَاء بِسَبَب مَنْقُول اَوْ جَوَابا لسؤال سَائل وَالْجَوَاب اما ان يكون مُسْتقِلّا أَو غير مُسْتَقل والمستقل اما أَن يكون زَائِدا على قدر الْجَواب أَو لَا يكون زَائِدا فَصَارَ أَرْبَعَة أَقسَام الخ
وَالثَّالِث مَا خرج مخرج الْجَواب وَهُوَ مُسْتَقل بِنَفسِهِ وَلم يزدْ على قدر الْجَواب وَهَذَا يخْتَص بالِاتِّفَاقِ بِمَا تقدم الخ ٠٠ حَاشِيَة الازميري على شرح مرقات الاصول ١١٦ ج ٢
وَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله تَعَالَى الى اخْتِصَاصه بِالسَّبَبِ وارادة ذَلِك السَّبَب الْخَاص مِنْهُ مجَازًا وانما يثبت الحكم لغيره بِنَصّ آخر وبالقياس الخ من الْحَاشِيَة الْمَذْكُورَة ١١٧ ج ٢
وَلَا يُمكن ان تعَارض الْفُرُوع الْجُزْئِيَّة الاصول الْكُلية لَان الْفُرُوع الْجُزْئِيَّة ان لم تقتض عملا فَهِيَ فِي مَحل التَّوَقُّف وان اقْتَضَت عملا فالرجوع الى الاصول هُوَ
1 / 12
الصِّرَاط الْمُسْتَقيم الِاعْتِصَام ١٦١ ج ١ وَالْقَاعِدَة الْكُلية فِي قبُول الْعِبَادَات ان تكون خَالِصَة لله سُبْحَانَهُ وخالية عَن شَيْء من أغراض النَّفس لقَوْله سُبْحَانَهُ أَلا لله الدّين الْخَالِص لمحرره الشَّيْخ حَامِد
﴿من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة﴾ أَي كسب الْآخِرَة وَالْمعْنَى من كَانَ يُرِيد بِعَمَلِهِ الْآخِرَة ﴿نزد لَهُ فِي حرثه﴾ أَي بالتضعيف الْوَاحِدَة الى عشرَة الى مَا يَشَاء الله تَعَالَى من الزِّيَادَة وَقيل انا نزيد فِي توفيقه واعانته وتسهيل سَبِيل الْخيرَات والطاعات اليه
﴿وَمن كَانَ يُرِيد حرث الدُّنْيَا﴾ يَعْنِي يُرِيد بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا مؤثرا لَهَا على الْآخِرَة ﴿نؤته مِنْهَا﴾ أَي مَا قدر وَقسم مِنْهَا ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب﴾ يَعْنِي لانه لم يعْمل لَهَا
عَن ابي بن كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم بشر هَذِه الامة بالسناء والرفعة والتمكين فِي الارض فَمن عمل مِنْهُم عمل الْآخِرَة للدنيا لم يكن لَهُ فِي الْآخِرَة نصيب ذكره فِي جَامع الاصول وَلم يعزه الى أحد من الْكتب السِّتَّة وَأخرجه الْبَغَوِيّ باسناده اه الخازن ٩٤ ج ٤ من سُورَة الشورى وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث بعزوه الى مخرجيه
والدلائل كَثِيرَة لبُطْلَان الْعَمَل اذا كَانَ بغرض من أغراض الدُّنْيَا
هَذَا وَقد ألف بعض الْعلمَاء لجَوَاز أَخذ الاجرة لقِرَاءَة الْقُرْآن أَي للتلاوة الْمُجَرَّدَة لقصد وُصُول ثَوَابهَا الى الْمَيِّت رِسَالَة وَاسْتدلَّ بِهِ بِمَا رَوَاهُ الامام البُخَارِيّ
1 / 13
حَدِيث أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله وَادّعى انه عَام وان المانعين من جَوَاز الاجرة لَا خبْرَة لَهُم وَأَنه كتم تَرْجَمَة الْبَاب من الصَّحِيح وَهِي بَاب جَوَاز اخذ الاجرة بِالْفَاتِحَةِ على الرّقية وَلم يطالع من الصَّحِيح بَاب اثم من راآى بِالْقُرْآنِ أَو تَأْكُل بِهِ الخ من فَضَائِل الْقُرْآن ادعائه الْعُمُوم بَاطِل عِنْد الائمة الاربعة بِمَا تقدم من الْكتاب وَبِنَحْوِ قل مَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر وَبِنَحْوِ وَلَا تشتروا بأيات الله ثمنا قَلِيلا وَبِالْحَدِيثِ بنهحو اقرؤا الْقُرْآن وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ
وبالاجماع على أَن لَا ثَوَاب للْعَمَل اذا كَانَ مشوبا لغَرَض من أغراض الدُّنْيَا مَا لم يكن خَالِصا لوجه الله سُبْحَانَهُ
وبالقياس لعدم جَوَاز أَخذ الاجرة لصَلَاة وَنَحْوهَا
وَكَذَا ادعاؤه بَان المانعين من جَوَاز الاجرة لمُجَرّد تِلَاوَة الْقُرْآن لَا خبْرَة لَهُم باختصاص الدَّلِيل وعمومه
وَهل الائمة الاربعة لَا خبْرَة لَهُم فِي علم الحَدِيث وَكَذَا الامام البُخَارِيّ لَا خبْرَة لَهُ فِيهِ وَهل يَدعِي هَذِه الدَّعْوَى الا الْجَاهِل بقدرهم فَكيف كتم تَرْجَمَة الامام البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث فِي بَابه وترجمته شرح للْحَدِيث الَّذِي يُورِدهُ من تَقْيِيد أَو تَعْمِيم أَو غَيرهمَا وَقد لبس للنَّاس فِي قَوْله مَذْهَب الشاففية كَذَا وَالْحَنَفِيَّة كَذَا فِي جَوَاز الاجرة نَاقِلا عَن الْكتب الضعيفة الحكم والفتيا بالْقَوْل الْمَرْجُوح جهل وخرق للاجماع كَمَا تقدم وَمذهب الْمَالِكِيَّة كَذَا وَمذهب الْحَنَابِلَة كَذَا
وَهل الْمَذْهَب الا ماقاله امام الْمَذْهَب كَمَا تقدم وَهل قَالَ أحد مِنْهُم بِجَوَاز
1 / 14
اخذ الاجرة بِمُجَرَّد التِّلَاوَة وَلم يقلهُ بل منعُوهُ كَمَا تقدم فشجع النَّاس بقوله هَذَا بِبيع دينهم بدنياهم وَكَأَنَّهُ لم يعلم الى الْآن حَقِيقَة اخلاص الْعِبَادَة لله سُبْحَانَهُ وَأتي فِيهِ أثارا مَقْطُوعَة عَن بعض الصَّحَابَة بِأَن أُجْرَة ختم الْقُرْآن كَذَا وَكَذَا من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير
وَهل يعْتَمد عَلَيْهَا من نسب الى الْعلم فِي مُعَارضَة كتاب الله وَالسّنة والاجماع وَالْقِيَاس وَهل يَثِق من لَهُ خبْرَة بِالْحَدِيثِ على المقطوعات فَهَذَا حَاله واذا كَانَ الامر كَمَا قَالَ فَمَا مَعَاني نَحْو لَا يشْتَرونَ بآيَات الله ثمنا قَلِيلا وَمَا تَسْأَلهُمْ عَلَيْهِ من أجر فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن الْمجِيد واقرؤا الْقُرْآن وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ
وَذَلِكَ الحَدِيث خبر وَاحِد هَل يُعَارض القطعيات لَا لَا كَمَا تقدم
وَكَذَا ادعاؤه بَان المانعين من أَخذ الاجرة على التِّلَاوَة استدلوا بِمثل حَدِيث الْقوس وَلَا يحْتَج بِهَذَا الا من لَا خبْرَة لَهُ بمراتب الادله وَكتب الحَدِيث الخ بَاطِل لجهله فِي دَعْوَاهُ هَذِه أَو تجاهله عَمَّن يسْتَدلّ بِمثل هَذَا الحَدِيث وهم الائمة الاربعة والمتقدمون من أَصْحَابهم والامام البُخَارِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن شبه من أكل بِالْقُرْآنِ بِمن لم يُجَاوز الْقُرْآن حنجرته فَهَل يجوز لَهُم انهم لَا خبْرَة لَهُم بمراتب الادلة وَكتب الحَدِيث
وَحَدِيث الْقوس رَوَاهُ فِي جمع الْفَوَائِد ٦٣٦ ج ١ ابو الدَّرْدَاء رَفعه من يَأْخُذ على تَعْلِيم الْقُرْآن قوسا قَلّدهُ الله قوسا من نَار للكبير
قَالَ الْمخْرج رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن طَرِيق يحيى بن عبد الْعَزِيز عَن
1 / 15
الْوَلِيد بن مُسلم وَلم أجد من ذكره وَلَيْسَ هُوَ فِي الضُّعَفَاء وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح كَذَا فِي مجمع الزَّوَائِد ٤٩٥
فَقَوْل الْمُجِيز رَاجع عَلَيْهِ لعماه اَوْ تعاميه بِمَا تقدم من الادلة وبمراتب الادلة وَكتب الحَدِيث
وَالْفرق الضَّالة انما ضلوا لاخذهم طرفا من الادلة وَعدم نظرهم الى أطرافها وناحية من نَوَاحِيهَا وَلم يتفكروا فِي جوانبها وَلم ينظر الْمُجِيز الى تَقْيِيد الائمة حَدِيث الصَّحِيح بالرقية كَمَا تقدم وَصَاحب الصَّحِيح قد قَيده بِأخذ الاخر على الرّقية والمجيز قد تعامى عِنْد أَخذه عَن تَرْجَمَة الْبَاب
وَكَأَنَّهُ سمع من بعض الطّلبَة أَن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب وَهَذِه القاعده حَيْثُ لم يُوجد معَارض للْعُمُوم
وَلم يسمع الْقَاعِدَة الْعَامَّة عِنْد الاصوليين مَا من عَام الا وَقد خص مِنْهُ الْبَعْض لدفع التَّعَارُض بَين الادلة وَفِي الاتقان ١٦ ج ٢ اذ مَا من عَام الا ويتخيل فِيهِ التَّخْصِيص الخ فَرَاجعه ان شِئْت اذ مَا من عَام الا وَقد خص الخ الاتقان ١٧ ج ٣
1 / 16
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على أشرف الْمُرْسلين سيد الْأَوَّلين والآخرين سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي تَحْقِيق احاديث مسح الْخُفَّيْنِ والجوربين والنعلين
الحَدِيث الْخَامِس رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم أَنه مسح على جوربيه قلت رُوِيَ من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَمن حَدِيث أبي مُوسَى وَمن حَدِيث بِلَال رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم
فَحَدِيث الْمُغيرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَوَاهُ السّنَن الاربعة ١ أَبُو دَاوُد ص ٣٤ ٢ وَالتِّرْمِذِيّ فِي ص ١٥ وَابْن مَاجَه ص ٤٢ وص ١٨٤ ج ١
من حَدِيث أبي قيس الاودي عَن هُذَيْل بن شُرَحْبِيل عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَوَضَّأ وَمسح على الجوربين والنعلين انْتهى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح
1 / 17
وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى لَا نعلم أحدا تَابع أَبَا قيس على هَذِه الرِّوَايَة وَالصَّحِيح عَن الْمُغيرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه ﵊ مسح على الْخُفَّيْنِ انْتهى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْخَامِس وَالثَّلَاثِينَ من الْقسم الرَّابِع وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه كَانَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي لَا يحدث بِهَذَا الحَدِيث لَان الْمَعْرُوف عَن الْمُغيرَة أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ وَقَالَ وروى أبوموسى الاشعري رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَيْضا عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم أَنه مسح على الجوربين وَلَيْسَ بالمتصل وَلَا بِالْقَوِيّ قَالَ وَمسح على الجوربين عَليّ بن أبي طَالب وَأَبُو مَسْعُود والبراء بن عَازِب وَأنس بن مَالك وَأَبُو أُمَامَة وَسَهل بن سعد وَعَمْرو بن حُرَيْث وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب وَابْن عَبَّاس انْتهى رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم
وَذكر الْبَيْهَقِيّ حَدِيث الْمُغيرَة هَذَا وَقَالَ أَنه حَدِيث مُنكر ضعفه سُفْيَان الثَّوْريّ وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَأحمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين وعَلى بن الْمَدِينِيّ وَمُسلم بن الْحجَّاج وَالْمَعْرُوف عَن الْمُغيرَة حَدِيث الْمسْح على الْخُفَّيْنِ ويروى عَن جمَاعَة أَنهم فَعَلُوهُ انْتهى
1 / 18
قَالَ النَّوَوِيّ كل وَاحِد من هَؤُلَاءِ لَو انْفَرد قدم على التِّرْمِذِيّ مَعَ أَن الْجرْح مقدم على التَّعْدِيل قَالَ وَاتفقَ الْحفاظ على تَضْعِيفه وَلَا يقبل قَول التِّرْمِذِيّ انه حسن صَحِيح
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي الامام أَبُو قيس الاودي اسْمه عبد الرَّحْمَن بن ثروان احْتج بِهِ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَذكر الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه أَن أَبَا مُحَمَّد يحيى بن مَنْصُور قَالَ رَأَيْت مُسلم بن الْحجَّاج ضعف هَذَا الْخَبَر وَقَالَ أَبُو قبيس الاودي وهذيل بن شُرَحْبِيل لَا يحتملان وخصوصا مَعَ مخالفتهما الاجلة الذ ٢ ين رووا هَذَا الْخَبَر عَن الْمُغيرَة فَقَالُوا مسح على الْخُفَّيْنِ وَقَالَ لَا تتْرك ظَاهر الْقُرْآن بِمثل أبي قيس وهذيل قَالَ فَذكرت هَذِه الْحِكَايَة عَن مُسلم لأبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الدغولي فَسَمعته يَقُول سَمِعت عَليّ بن مُحَمَّد بن شَيبَان يَقُول سَمِعت أَبَا قدامَة السَّرخسِيّ يَقُول قَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قلت لِسُفْيَان الثَّوْريّ لَو حَدَّثتنِي بِحَدِيث أبي قيس عَن هُذَيْل مَا قبلته مِنْك فَقَالَ سُفْيَان الحَدِيث ضَعِيف ثمَّ أسْند الْبَيْهَقِيّ عَن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ لَيْسَ يرْوى هَذَا الحَدِيث الا من رِوَايَة أبي قيس الاودي وَأبي عبد الرَّحْمَن بن مهْدي أَن يحدث بِهَذَا الحَدِيث وَقَالَ هُوَ مُنكر وَأسْندَ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا عَن عَليّ بن الْمدنِي قَالَ حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة فِي الْمسْح رَوَاهُ عَن الْمُغيرَة الا انه قَالَ وَمسح على الجوربين
1 / 19
فَخَالف النَّاس وَأسْندَ أَيْضا عَن يحيى بن معِين قَالَ النَّاس كلهم يَرْوُونَهُ على الْخُفَّيْنِ غير أبي قيس قَالَ الشَّيْخ وَمن يُصَحِّحهُ يعْتَمد بعد تَعْدِيل أبي قيس على كَونه لَيْسَ مُخَالفا لرِوَايَة الْجُمْهُور مُخَالفَة مُعَارضَة بل هُوَ امرزائد على مَا رَوَوْهُ وَلَا يُعَارضهُ وَلَا سِيمَا وَهُوَ طَرِيق مُسْتَقل بِرِوَايَة هُذَيْل عَن الْمُغيرَة لم يُشَارك المشهورات فِي سندها انْتهى
أما حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَهُوَ الَّذِي اشار اليه أَبُو دَاوُد فَأخْرجهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن عِيسَى بن سِنَان عَن الضَّحَّاك ابْن عبد الرَّحْمَن عَن أبي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَوَضَّأ وَمسح على الجوربين والنعلين انْتهى وَلم أَجِدهُ فِي نُسْخَتي من ابْن مَاجَه وَلَا ذكره ابْن عَسَاكِر فِي الاطراف وَكَأَنَّهُ فِي بعض النّسخ فقد عزاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي التَّحْقِيق لِابْنِ مَاجَه وَكَذَلِكَ الشَّيْخ فِي الامام وَقَالَ وَقَول أبي دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بالمتصل وَلَا بِالْقَوِيّ أوضحه الْبَيْهَقِيّ فَقَالَ الضَّحَّاك ابْن عبد الرَّحْمَن لم يثبت سَمَاعه من أبي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَعِيسَى بن سِنَان ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ انْتهى وَأخرجه العقيلى فِي كتاب الضُّعَفَاء وَأعله بِعِيسَى بن سِنَان وَضَعفه عَن يحيى بن معِين وَغَيره وَأما حَدِيث بِلَال فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيق ابْن أبي شيبَة ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الاعمش عَن الحكم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن كَعْب بن عُجَره عَن بِلَال رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم يمسح على الْخُفَّيْنِ والجوربين انْتهى
1 / 20
وَأخرجه عَن يزِيد بن أبي زِيَاد وَابْن أبي ليلى عَن كَعْب بن عجْرَة عَن بِلَال رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم نَحوه وَيزِيد بن أبي زِيَاد وَابْن أبي ليلى مستضعفان مَعَ نسبتهما الى الصدْق وَالله تَعَالَى أعلم نصب الرَّايَة ١١٦٨
واذا عرفت ان احاديث مسح الجورب مُتَكَلم فِيهَا وَلم يَصح تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ فشروط الائمة الاربعة على جَوَاز مسح الجورب أَن يكون ثخينا مستمسكا على السَّاق بِغَيْر ربط صَحِيحَة ليَكُون فِي معنى الْخُف لِأَن غسل الرجل قَطْعِيّ وَالْخَبَر المستفيض فِي مسح الْخُف يصلح ان يكون مُخَصّصا اما الاحاديث الَّتِي تكلم فِيهَا النقاد لَا تصلح لتخصيص الْقطعِي فَلَا يجوز الْمسْح على الجورب الرَّقِيق الَّذِي لَا يسْتَمْسك بِنَفسِهِ على السَّاق
شُرُوط الائمة الاربعة فِي مسح الجورب فِي فقه الْمذَاهب الاربعة ج ١٩٣
احاديث مسح النَّعْلَيْنِ فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَحَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا رَوَاهُ ابْن عدي ثمَّ الْبَيْهَقِيّ من جِهَته عَن رواد بن الْجراح عَن سُفْيَان عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ان رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَوَضَّأ مرّة وَمسح على نَعْلَيْه انْتهى قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَكَذَا رَوَاهُ رواد وَهُوَ ينْفَرد عَن الثَّوْريّ بمناكر هَذَا احدها والثقات رَوَوْهُ عَن الثَّوْريّ دون هَذِه اللَّفْظَة قَالَ الشَّيْخ
1 / 21
تَقِيّ الدّين فِي الامام ورواد هَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيّ انْتهى ثمَّ سَاقه الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن الْحباب عَن سُفْيَان هَكَذَا ان النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم مسح على النَّعْلَيْنِ وَقَالَ الصَّحِيح رِوَايَة الْجَمَاعَة فقد رَوَاهُ سُلَيْمَان بن بِلَال وَمُحَمّد بن عجلَان وورقاء بن عمر وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن ابي كثير عَن زيد بن اسْلَمْ فحكوا فِي الحَدِيث غسل رجلَيْهِ والْحَدِيث وَاحِد
وَالْعدَد الْكثير اولى بِالْحِفْظِ من الْعدَد الْيَسِير مَعَ فضل من حفظ فِيهِ الْغسْل بعد الرش على من لم يحفظه قَالَ فِي الامام وَحَدِيث زيد بن الْحباب هَذَا أَجود ماذكر الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَاب وَزيد بن الْحباب ذكر ابْن عدي عَن ابْن معِين أَنه قَالَ أَحَادِيث زيد بن الْحباب عَن الثَّوْريّ مَقْلُوبَة قَالَ ابْن عدي وَهُوَ من اثبات مَشَايِخ الْكُوفَة مِمَّن لَا يشك فِي صدقه وَالَّذِي قَالَه ابْن معِين ان احاديثه عَن الثَّوْريّ مَقْلُوبَة انما لَهُ عَن الثَّوْريّ أَحَادِيث تستغرب بذلك الاسناد وَالْبَعْض يرفعهُ وَلَا يرفعهُ غَيره وَبَاقِي أَحَادِيثه كلهَا مُسْتَقِيمَة وَذكر ابْن عدي لزيد بن الْحباب احاديث لَيْسَ فِيهَا هَذَا واذا كَانَ زيد ثِقَة صَدُوقًا كَانَ الحَدِيث مِمَّا ينْفَرد بِهِ الثِّقَة
وَحَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا ابراهيم ابْن سعيد ثَنَا روح بن عبَادَة عَن ابْن ابي ذِئْب عَن نَافِع ان بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ يتوضأونعلاه فِي رجلَيْهِ وَيمْسَح عَلَيْهِمَا وَيَقُول كَذَلِك كَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم يفعل انْتهى
1 / 22