The Multiplicity of Caliphs and the Unity of the Ummah: Jurisprudence, History, and Future
تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا
Genre-genre
خ- ومن الأدلة على بطلان النص (١): أن الكلام في الإمامة جرى أمام سيدنا علي ﵁ في أوقات مختلفة، فمنها يوم السقيفة عندما عقدوا الخلافة لأبي بكر الصديق ﵁، ومنها استخلاف أبي بكر لعمر ﵄، ومنها حين جعل عمر ﵁ الأمر شورى بين ستة، ومنها حين قتل عثمان ﵁ وبويع علي ﵁ بالشورى، وحين حُكِّم الحكمان بين علي ﵁ ومعاوية ﵁، ولم يَدَّع سيدنا علي في وقت من هذه الأوقات أنه منصوص عليه من جهة رسول الله ﷺ، فلو كان يعرف نصًَّا لأظهره، ولقاتل عليه من خالفه، ولا يقال إن عليًا ﵁ لم يقاتل خوف الفتنة، لأنه قاتل في زمن معاوية وقتل في الحرب الخلق الكثير، وقاتل طلحة والزبير وعائشة ﵃ حين علم أن الحق له، ولم يترك ذلك لسبب الفتنة، كما لا يقال إنه لم يقاتل لعجزه عن القتال، لأن الذين نصروه في زمن معاوية كانوا على الإيمان يوم السقيفة ويوم استخلاف عمر ويوم الشورى، فلو علموا أن الحق له لنصروه.
ثم إن هذا النص الذي يدَّعونه لا يخلو إما أن يكونوا عرفوه عقلًا أو خبرًا، ولا يمكن أن يكون طريقه العقل لأنه ليس في العقل ما يدل على تنصيص رسول الله ﷺ على إنسان بعينه، وإن قالوا عرفناه خبرًا فلا يخلو إما أن يكون خبرًا متواترًا أو آحادًا، فإن ادعوه خبرًا متواترًا فهو محال لأنه لو كان متواترًا لما خفي إلى يومنا هذا كما لم يَخْفَ تجهيز جيش أسامة وتولية معاذ اليمن، وكما لم يَخْفَ نصب أبي بكر إمامًا واستخلافه لعمر ﵄، ولأنا لو جوزنا انكتام مثل هذا الأمر الظاهر لجوزنا أن يكون القرآن قد عورض على عهد رسول الله ﷺ ثم كتم، وكلُّ أصلٍ في الإمامة يوجب بطلان النبوة كان محالًا (٢)، وإن قالوا عرفناه بخبر الآحاد، قلنا يعارضه أخبار آحاد في النص على أبي بكر ﵁، وإذا تعارضت الآحاد سقط الاستدلال بها، وإن قالوا بالنص الخفي قلنا ببطلانه بإجماع الصحابة على خلافه، إذ لو وجد نصٌّ لما خالفوه، كما لم يخالفوا أبا بكر ﵁ يوم السقيفة في روايته حديث: «الأئمة من قريش» (٣).
(١) انظر: الغنية في أصول الدين لعبد الرحمن المتولي النيسابوري: ص ١٨٠ - ١٨٤. (٢) غياث الأمم للجويني: ص ٣٦. (٣) سبق تخريجه في ص (١١٥) حاشية (١). وانظر بعض الردود على من اشترط النص على الإمام في: المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص ٣٠٥ - ٣٠٦. شرح المقاصد للتفتازاني: ٥/ ٢٩٠. = = الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي: ص ٢٨٤ - ٢٨٥. وللجاحظ المعتزلي كتاب بعنوان (العثمانية) وهو ضمن كتاب (رسائل الجاحظ: ٤/ ١٩ - ٤٣) ردَّ فيه على الشِّيعة. الصواعق المحرقة للهيتمي: ١/ ٦٩ وما بعدها. الخلافة والملك لعبد السلام ياسين، كتاب على الإنترنت: تحت عنوان (الاختيار).
1 / 139