141

The Middle Dictionary of Al-Tabarani, Part Two

القسم الثاني من المعجم الأوسط للطبراني

Penyiasat

محمود محمد محمد عمارة السعدني

Genre-genre

خامسًا:- التعليق على الحديث: - يدل هذا الحديث دلالة واضحة على مدى حرص الصحابة، وخوْفهم من الله ﷿، فكانوا يسألون رسول الله ﷺ عن ميعاد الساعة ظنًا منهم أنه يعلم وقت وقوعها، فيسأله الصحابي: يا رسول الله، متى الساعة؟. - ولما كان علم وقوعها أمر لا يعلمه مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولا نبيٌّ مُرْسَلٌ؛ بل لا يعلمه إلا الله ﷿، قال الله ﷿: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٧)﴾ (^١) لذا وقف النبي ﷺ بحكمته البالغة، وتوجيهاته الرشيدة، ووجّه الصحابة إلى الأهم في حقهم؛ وهو الاستعداد ليوم القيامة، والتهيؤ لها قبل وقوعها، وإن لم يعرفوا تعيين وقتها؛ فقال ﷺ: "وَيْحَك! إنّ السّاعَة آتِيَةٌ، فمَا أَعْددتَ لَهَا؟ " (^٢) أي ما أَعْدَدتَ لها بما ينفعُك من الطاعات، والخيرات؟ - فاستكان الرجل وفَكَّرَ، واستصغر نفسه وأعماله، ثم قال: "ما أعددتُ لها من خير أَحْمِد عليه نفسي … "، وفي رواية أحمد - السابقة -: "ما أعددتُ لها من كبير صلاة ولا صوم غير أني أحب الله ورسوله". - إنه حب الله ورسوله، وما أدراك ما حب الله ورسوله؟! إنه الحب الذي به يكتمل إيمان العبد؛ فقد أخرج البخاري، ومسلم في "صحيحيهما"، من حديث أبي هريرة ﵁ أنَّ رسول الله ﷺ قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». (^٣) - لذا استحق كل من كان مُحِبًَّا لله، ولرسوله تلك البُشرى العظيمة التي سَاقها النبي الكريم الرؤوف بالمؤمنين الرحيم ﷺ حيث قال للسائل: "أَنْتَ مَعَ مَن أَحْبَبْت"، وفي روايةٍ: "المَرءُ مَع مَن أَحبَّ". (^٤) فما فرح المسلمون أشدّ فَرحًا بعد إسلامهم لقوله ﷺ: "أَنْتَ مَعَ مَن أَحْبَبْت"؛ لأنهم كانوا يخافون من عدم رؤيتهم للنبي ﷺ في الآخرة، لعلمهم أن أعمالهم لن تبلغ عمله ﷺ، ولهذا كان أنس ﵁ يقول: «فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ». (^٥)

(^١) سورة "الأعراف"، آية (١٨٧). (^٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٢٧١٥)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٦٥)، بسند صحيح. (^٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١٤،١٥) ك/ الإيمان، ب/ حب الرسول ﷺ من الإيمان؛ ومسلم في "صحيحه" (٧٠) ك/ الإيمان ب/وجوب محبة الرسول ﷺ أكثر من الأهل، والولد، والوالد، والناس أجمعين. (^٤) كما في رواية الإمام مسلم في "صحيحه" (٢٦٤٠)، ك/البر والصلة، ب/ المرء مع من أحب. (^٥) البخاري (٣٦٨٨)، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب عُمر ﵁، ومسلم (٢٦٣٩)، ك/البر، ب/ المرء مع من أحب.

1 / 141