الأول قليل: وهو ما كان دون القلتين. وهذا الماء ينجس بمجرد وقوع النجاسة، ولو كانت قليلة ولم يتغير فيه شيء من أوصافه كاللون والريح والطعم. والقلتان: خمسمائة رطل بغدادي وتساوي مائة وأثنين وتسعين كيلو غرامًا وثمان مائة وسبعة وخمسين غرامًا (٨٥٧، ١٩٢ كلغ)، ويساوي بالمكعب ذراعًا وربعًا طولًا وعرضًا وعمقًا.
روى الخمسة عن عبد الله بن عمر ﵄ قال: سمعت رسول الله ﷺ وهو يسأل عن الماء يكون بالفلاة من الأرض، وما ينوبه من السباع والدواب، فقال: " إذَا كَانَ الماءُ قلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الخَبَث "، وفي لفظ أبي أبي داود (٦٥): " فَإَّنهُ لا يَنْجُسُ ".
[بالفلاة: الصحراء ونحوها. ينوبه: يرد عليه. السباع: كل ما له ناب يفترس به من الحيوانات].
ومفهوم الحديث: أنه إذا كان الماء أقل من قلتين بنجس ولو لم يتغير، ودل على هذا المفهوم ما رواه مسلم (٢٧٨) عن أبي هري ﵁ أن النبي ﷺ قال: " إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَومِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ في الإنَاءِ حَتَّى يَغْسلها ثَلاَثًا فَإنَّهُ لاَ يدْرِي أَيْنَ بَاَتت يدُهُ ". فقد نهى المستيقظ من نومه عن الغمس خشية تلوث يده بالنجاسة غير المرئية، ومعلوم أن النجاسة غير المرئية لا تغير الماء فلولا أنها تنجسه بمجرد الملاقاة لم ينهه عن ذلك.
والثاني كثير: وهو ما كان قلتين أو كثر، وهذا الماء لا ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه، وإنما ينجس إذا غيرت النجاسة أحد أوصافه. الثلاثة: اللون، أو الطعم، أو الريح. ودليله الإجماع. قال النووي في المجموع