174

The Messengers and the Messages

الرسل والرسالات

Penerbit

مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع،الكويت،دار النفائس للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الرابعة

Tahun Penerbitan

١٤١٠ هـ - ١٩٨٩ م

Lokasi Penerbit

الكويت

Genre-genre

وقد سئل أعرابيُّ: بم عرفت أنّ محمدًا رسول الله؟ فقال: ما أمر بشيء فقال العقل: ليته ينهى عنه، ولا نهى عن شيء، فقال العقل: ليته أمر به (١) . وهذا الذي استدل به الأعرابي في غاية الجودة، فإن الرسل جاءت من عند الله بعلوم وشرائع يعلم العاقل المنصف عند التأمل فيها أنّه لا يمكن أن تكون آراء البشر ولا أفكارهم. دعوة نبينا محمد ﷺ: والناظر في دعوة نبينا محمد ﷺ يكون مكابرًا أعظم المكابرة إن لم يعتبر ولم يؤمن، فنبينا ﵇ جاء بهذا القرآن الذي عجزت الإنس والجنُّ عن الإتيان بمثله، وقد حوى من الأخبار الماضية والآتية، والعلوم المختلفة ما يخضع له المنصف، ويجعله يسبح بحمد الله طويلًا. هذا الكتاب وتلك العلوم تصل إلينا على يد رجل أميّ، لم يمسك بالقلم يومًا، ولم يكن يقرأ ما سطره العلماء والكتاب من قبل (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت: ٤٨] . ليس أمرًا عاديًا أن يتحول رجل أميّ بين عشية وضحاها إلى معلم بشرية، يبذل العلم للناس، ويقوّم علوم السابقين، ويبين ما فيها من تحريف وتغير. لقد كان هذا الدليل يجول في نفوس أهل مكة، فهم يعرفون محمدًا ﷺ قبل أن يأتيهم بما أتاهم به، ويعلمون أُميته، ولذلك لم يكن منهم إلا التمحل وجحود الحقّ بعد معرفته (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) [الأنعام: ٣٣] لقد وصلت بهم السفاهة إلى الزعم بأن الذي يأتي محمدًا ﷺ بهذا العلم حداد رومي كان بمكة، وإنه لفرية مضحكة (لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) [النحل: ١٠٣] .

(١) مفتاح دار السعادة: ٢/٦-٧.

1 / 203