وقول الشيخ رحمه الله تعالى: «وزيد كان قد عزم على طلاق امرأته، ولم تخرج بذلك عن زوجتيه؛ بل ما زالت زوجته حتى طلقها ...» إلى أن قال: «وبكل حال، لم يكن عزم زيد على الطلاق قادحًا في النكاح في الاستدامة، وهذا مما لا نعرف فيه نزاعًا، وإذًا، ثبت بالنص والإجماع أنه لا يؤثر العزم على طلاقها في الحال» (١).
قلت: ما ذكره شيخ الإسلام ﵀ من نية زيد طلاق زوجته زينب واستمرار النية معه حتى طلقها ليس دليلًا لما ذهب إليه من جواز النكاح بنية الطلاق. إذ أن زيدًا حينما عقد على زينب لم تكن نيته الطلاق، وإنما وجدت النية فيما بعد، وفرق بين أن يتزوج المرأة يريد دوام النكاح ثم بعد ذلك تتغير هذه النية فينوي طلاقها، وبين إنسان عقد على امرأة لا يريد دوام النكاح معها؛ بل نوى عند عقد النكاح طلاقها بعد مدة. فالأول لا ينبغي أن يكون فيه خلاف، وهذا مما لا يعرف فيه نزاع؛ بل قد ثبت بالنص والإجماع أنه لا يؤثر العزم على طلاقها، كما قال الشيخ ﵀. ولكن أقول: ذلك بشرط أن توجد النية بعد تمام عقد النكاح. وأما الثاني (وهو جود نية الطلاق بعد مدة، عند عقد النكاح)، فهذا هو محل الخلاف، وبينهما فرق كبير.
وقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: «ولا يلزم إذا أبطله شرط التوقيت أن تبطله نية التطليق فيما بعد، فإن النية المبطلة ما كانت مناقضة لمقصود العقد، والطلاق بعد مدة أمر جائز لا يناقض مقصود العقد إلى حين الطلاق» (٢).
قلت: إن المسألتين حكمهما واحد، فهما كما يقال: وجهان لعملة واحدة، فنية التطليق عند العقد غير جائزة، وذلك لمناقضته مقصود الشرع