137

القضايا الكبرى

القضايا الكبرى

Penerbit

دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق

Nombor Edisi

١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١

Lokasi Penerbit

سورية

Genre-genre

التكريم في تقديره لنفسه وفي تقديره للآخرين، لأن الدوافع والنزعات السلبية المنافية للشعور الديمقراطي تبددت في نفسه. ثم إن الإسلام الذي وضع في نفسية المسلم هذا التوجيه العام، قد وضع عن طريقه- يمينًا وشمالًا- حاجزين، كي لا يقع في هاوية العبودية أو هاوية الاستعباد. وهذان الحاجزان مذكوران بالإشارة في آيتين، تذكر الواحدة الهاوية ذات اليمين والأخرى تذكر الهاوية ذات الشمال، فيقول ﷿: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص:٢٨/ ٨٣]. فهذا الحاجز وضع بكل وضوح على حافة الاستعباد، حتى لا يقع فيه المسلم، أما الحاجز الآخر الذي يحفظه من هاوية العبودية، فهو مذكور في قوله عز وحلّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ [النساء: ٤/ ٩٦ - ٩٨]. ومجمل القول، إن المسلم محفوظ من النزعات المنافية للشعور الديمقراطي، الموجودة أو المدسوسة في طينة البشر، بما وضع الله في نفسه من تكريم مقدس، وما جعل عن يمينه وشماله من معالم، ترشد طريقه حتى لا يقع في وحل العبودية أو وحل الاستعباد. ومما يدعم شعوره بهذا التكريم العام الذي منحه كإنسان، فإنه يشعر بتكريم خاص قد منحه كمؤمن في قوله ﷿: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٦٣/ ٨].

1 / 147