تغير الفتوى ليس أمرًا محدثًا
إن تغير الفتوى ليس أمرًا محدثًا، بل إن رسول الله ﷺ الذي علمنا القياس وغيره من الأصول هو الذي دلَّنا على هذه المسألة بقوله وعمله ﷺ فعن عبد الله بن واقد، قال: «نهى رسول الله ﷺ عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. قال عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ذلك لِعَمْرَةَ، فقالت: صدق سمعت عائشة تقول: دَفَّ أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمن رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ: ادَّخِرُوا ثَلاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ. فلما كان بعد ذلك قالوا يا رسول الله: إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم ويَجْمُلُون منها الْوَدَكَ فقال رسول الله ﷺ: وما ذاك؟ قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. فقال: إنما نَهَيْتُكُمْ من أَجْلِ الدَّافَّةِ التي دَفَّتْ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا» (^١).
بأبي هو وأمي، ما ترك خيرًا إلا دلنا عليه بقوله أو فعله أو بهما معًا. ولقد سار على دربه ﷺ الخلفاء والسلف، فمن أمثلة تغير الفتوى عند المتقدمين:
• منْعُ أميرِ المؤمنين عمرَ ﵁ المؤلفةَ قلوبُهم من سهمهم، لما رأى عزة الدين وتمكين الله ﷿ للمسلمين زمنَ خلافته المباركة؛ وإلغاؤه للنفي في حد الزاني خوفًا من لحوقه بدار الكفر.
• وأمر أميرِ المؤمنين عثمانَ ﵁ بالتقاط ضالَّة الإبل وبيعها وحفظ ثمنها لصاحبها، وكان الأصلُ النهيَ عن التقاطِها، وذلك لما رأى فساد الذمم وتغيُّر الناس.