«يرى القذاة في عين أخيه. وينسى الجذع في عينه» .
وعلى كل حال فإن الأمة قد اتبعت سنن من قبلها كما تواترت بذلك الأخبار عن النبي ﵌، ومن ذلك بل من أعظمه بل أعظمه أنها فرقت دينها وكانت شيعًا، وقد تواترت الأخبار أيضًا بأنه لا تزال طائفة قائمة على الحق، فعلى أهل العلم أن يبدأ كل منهم بنفسه فيسعى في تثبيتها على الصراط، وإفرادها عن اتباع الهوى، ثم يبحث عن إخوانه، ويتعاون معهم على الرجوع بالمسلمين إلى سبيل الله، ونبذ الأهواء التي فرقوا لأجلها دينهم وكانوا شيعًا.
ويتلخص العمل في ثلاثة مطالب:
الأول: العقائد، وقد علمت أن هناك معدنًا لحجج الحق وهو المأخذان السلفيان، ومعدنًا للشبه، وهو المأخذان الخلفيان، فطريق الحق في ذلك وضح.
المطلب الثاني: البدع العملية، والأمر في هذتا قريب لولا غلبة الهوى، فإن عامة تلك البدع لا يقول أحد من أهل العلم والمعرفة أنها من أركان الإسلام ولا من واجباته ولا من مندوباته، بل غالبهم يجزمون بأنها بدع وضلالات، وصرح قولهم منهم بأن منها ما هو شرك وعبادة لغير الله ﷿، وقد شرحت ذلك في كتاب (العبادة)، وبحسبك هنا أن تستحضر أن من يزعم من المنتسبين إلى العلم أنه لا يرى ببعضها بأسًا، أو زاد على ذلك أنه يرجى منها النفع، فإنه مع مخالفته لمن هو أعلم منه يعترف بأنفي الأعمال المشروعة اتفاقًا ما هو أعظم أجرًا وأكبر فضلًا بدرجات لا تحصى، وقد قال الله تعالى: «فاتقوا الله ما استطعتم»، وفي (الصحيحين) عن النبي ﵌ «الحلال بين، والحرام بين، وبينهما