The Guide and the Guided
الهادي والمهتدي
Penerbit
(بدون ناشر) (طُبع على نفقة رجل الأعمال الشيخ جمعان بن حسن الزهراني)
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٥ م
Genre-genre
فتجول في الأمصار، ولم يسلم من شره بادئ ذي بدء إلا المدينة، كان نشاطه في مصر، والبصرة والكوفة، وتجول في الأعراب، وكان الكذب والتزوير مطيته للوصول إلى قلوب الناس، والتأثير عليهم بحب آل البيت، ونصرة علي بن أبي طالب الخليفة الراشد ﵁، وزعم أن عثمان ﵁ لا حق له في الخلافة، فاجتمع له عدد من الناس، أشعل بهم الفتنة، فاتّهم ولاة عثمان على الأمصار بكتب مزورة يرسلها من مصرٍ إلى مصرٍ، استفسد بها الكثيرين من الناس، وتعاونوا على الإثم والعدوان، حتى استمالوا بعض من بعثه عثمان لمعرفة حقيقة الأمر، ونتج عن جهود ابن السوداء المعروف بعبدالله بن سبأ انشقاق فرقتين من المسلمين، فرقة أخذت برأيه في عثمان ﵁ وهم الخوارج، والفرقة الثانية أخذت برأيه في الرجعة والوصية وهم الرافضة.
فتنة الخلاف
لا نشك في أن أتباع المصطفى ﷺ على درجات متفاوتة في فهم الإسلام وتطبيقه، منذ عهد الصحابة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ونعلم أن الأفهام تختلف، ويقبل منها في أحيان، لكنها مقيدة بعدم مصادمة الإسلام، ونريد بالإسلام ما قام البرهان عليه من الكتاب العزيز، وصحيح السنة النبوية، وما أجمع عليه علماء الأمة، وقد تعددت الأفهام من أصحاب رسول الله، فالإنفاق في سبيل الله مثلا: فهم منه أبو بكر ﵁ أنه دفع المال كاملا، وفهم عمر بن الخطاب ﵁ أنه نصف المال، وفهم أبو ذر ﵁ أن ما يزيد عن القوت اليومي يجب إنفاقه، هذا اجتهاد من كل منهم ﵃، والدافع إليه حب الخير والتنافس في نصرة الإسلام، والمستند في هذا عموم قول الله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (١)، فالمسارعة في العبادات البدنية والمالية، وما هو مشترك بينهما كالحج والعمرة مطلوب بعموم هذه الآية الكريمة، وقوله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ (٢)، وهذا حث على إنفاق ما هو نفيس في طاعة الله، لأن الردي لا ينبغي التقرب به إلى الله مع
(١) الآية (١٣٣) من سورة آل عمران. (٢) الآية (٩٢) من سورة آل عمران.
1 / 145