The Golden Fatwas on Buying and Selling Gold
الفتاوى الذهبية في بيع وشراء الذهب
Genre-genre
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ﵌ … أما بعد..
فلقد شرع الله تعالى لعباده في معاملاتهم نظما كاملة مبنية على العدل لا يساويها أيُّ نظام آخر، وإن من الظلم في المعاملات واجتناب العدل والاستقامة أن تكون مشتملة على الربا الذي حذر الله تعالى منه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ وأجمع المسلمون على تحريمه. قال الله تعالى في كتابه الذي أنزله إلى الناس ليحكموه فيما بينهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا
1 / 3
فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) (البقرة ٢٧٨-٢٧٩) وقال تعالى: (يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون (١٣٠) واتقوا النار التي أعدت للكافرين (١٣١) وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) (آل عمران ١٣٠-١٣٢) . وقال تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فإنتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) (البقرة ٢٧٥-٢٧٦) .
ولقد ثبت في صحيح مسلم (^١) من حديث جابر ﵁ أن النبي ﷺ لعن آكل الربا وموكله وكاتبه
_________
(^١) في كتاب المساقات، باب لعن آكل الربا وموكله رقم (١٥٩٨) .
1 / 4
وشاهديه وقال: (هم سواء) واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، والله تعالى إنما خلق الجن والإنس، وأودع فيهم العقول والإدراك، وبعث فيهم الرسل وبث فيهم النذر ليقوموا بعبادته والتذلل له بالطاعة مقدمين أمره وأمر رسوله على ما تهواه أنفسهم، فإن ذلك هو حقيقة العبادة ومقتضى الإيمان بالله ﷾ كما قال الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) (الأحزاب ٣٦) .
فلا خيار للمؤمن إن كان مؤمنا حقا في أمر قضاه الله ورسوله، وليس أمامه إلا الرضا والتسليم التام سواء وافق هواه أم خالفه، وإلا فليس بمؤمن كما قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (النساء ٦٥) .
1 / 5
إذا تبين هذا فاعلم أن أوامر الله تعالى تنقسم إلى قسمين:
قسم يختص بمعاملته سبحانه كالطهارة والصلاة والصيام والحج، وهذا لا يستريب أحد في التعبد لله تعالى به، وقسم يختص بمعاملة الخلق وهي المعاملة الجارية بينهم من بيع وشراء وإيجار ورهن وغيرها، وكما أن تنفيذ أوامر الله تعالى والتزام شريعته في القسم الاول أمر معلوم وجوبه لكل أحد، فكذلك تنفيذ أوامره والتزام شريعته في القسم الثاني أمر واجب إذ الكل من حكم الله تعالى على عباده، فعلى المؤمن تنفيذ حكم الله والتزام شريعته في هذه وذاك … وبعد..
فهذه أسئلة عن بيع وشراء واستعمال الذهب (^١) موجهة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين تفضل بالإجابة عليها سائلا الله تعالى أن ينفع بها من قرأها أو سمعها، وأن يعظم الأجر والمثوبة لمن
_________
(^١) ما يقال عن بيع وشراء الذهب يقال عن بيع وشراء الفضة.
1 / 6
كتبها أو طبعها أو نشرها أو عمل بها وهو حسبنا ونعم الوكيل …
السؤال الاول: ما الحكم في أن كثيرا من أصحاب محلات الذهب يتعاملون بشراء الذهب المستعمل (الكسر) ثم يذهبون به إلى تاجر الذهب ويستبدلونه بذهب جديد مصنع وزن مقابل وزن تمامًا، يأخذون عليه أجرة التصنيع للذهب الجديد؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالمح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا
1 / 7
بيدٍ) (^١)
وثبت عنه أنه قال: (من زاد أو استزاد فقد أربى) (^٢) وثبت عنه (أنه أتي بتمر جيد فسأل عنه فقالوا: كنا نأخذ الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فأمر النبي ﷺ برد البيع وقال: هذا عين الربا) ثم أرشدهم أن يبيعوا التمر الردئ، ثم يشتروا بالدراهم تمرا جيدا. (^٣)
ومن هذه الأحاديث نأخذ أن ما ذكره السائل من تبديل ذهب بذهب مع إضافة أجرة التصنيع إلى أحدهما أنه أمر محرم لا يجوز، وهو داخل في الربا الذي نهى النبي ﷺ عنه، والطريق السليم في هذا أن يباع الذهب الكسر بثمن من غير مواطأة ولا اتفاق، وبعد أن يقبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشئ الجديد، والأفضل أن يبحث عن الشئ الجديد في مكان
_________
(^١) رواه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، رقم (١٥٨٧) .
(^٢) رواه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، رقم (١٥٨٨) .
(^٣) متفق عليه رواه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا أراد بيع التمر بالتمر خير منه رقم (٢٢٠١)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الطعام مثلًا بمثل، رقم (١٥٩٣) .
1 / 8
آخر، فإذا لم يجده رجع إلى من باعه عليه واشترى بالدراهم وإذا زادها فلا حرج، المهم ألا تقع المبادلة بين ذهب وذهب مع دفع الفرق ولو كان ذلك من اجل الصناعة. هذا إذا التاجر تاجر بيع، أما إذا كان التاجر صائغًا فله أن يقول خذ هذا الذهب اصنعه ليّ على ما يريد من الصنعة أعطيك أجرته إذا انتهت الصناعة، وهذا لا بأس به.
***
السؤال الثاني: ما رأي فضيلتكم أن بعض أصحاب محلات الذهب يقومون باستبدال الذهب الجديد لديهم مقابل ذهب مستعمل من الراغب في الشراء منهم ويأخذون عليه أجرة تصنيع؟
الجواب: لا يظهر لي فرق بين هذا السؤال والذي قبله والحكم فيهما واحد.
***
السؤال الثالث: إن بعض أصحاب محلات الذهب يقومون بشراء الذهب بالأجل معتقدين أن هذا حلال
1 / 9
وحجتهم أن هذا من عروض التجارة ولقد نوقش كبارهم على أن مثل هذا العمل لا يجوز فأجاب بأن أهل العلم ليس لهم معرفة بمثل هذا العمل؟
الجواب: إن هذا أعني بيع الذهب بالدراهم إلى أجل حرام بالإجماع، لأنه ربا نسيئة، وقد قال النبي ﵊ في حديث عبادة بن الصامت حين قال: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة..........الخ) الحديث قال: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيدٍ) (^١) هكذا أمر النبي ﷺ.
وأما قوله إن أهل العلم لا يعلمون ذلك فهذا اتهام لأهل العلم في غير محله، لأن أهل العلم كما وصفهم أهل علم والعلم ضد الجهل، فلولا أنهم يعلمون ما صحّ أن يسميهم أهل العلم، وهم يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله، ويعلمون أن مثل هذا العمل عمل محرم لدلالة النص على تحريمه.
***
_________
(^١) سبق تخريجه.
1 / 10
السؤال الرابع: ما الحكم في أن بعض محلات الذهب يشترط على البائع للذهب المستعمل أن يشتري منه جديدا.
الجواب: هذا أيضا لا يجوز، لأن هذا حيلة على بيع الذهب بالذهب مع التفاضل. والحيل ممنوعة في الشرع، لأنها خداع وتلاعب بأحكام الله
السؤال الخامس: هل يلزم أن يكون التوكيل لفظا بين أصحاب محلات الذهب أم يكفي بمثل أن يأخذ منه على ما اعتادوا بينهم من أنه سيبيعه بالسعر المعروف؟
الجواب: الوكالة عقد من العقود تنعقد بما دلّ عليها من قول أو فعل، فإذا جرت العادة بين أهل الدكاكين أن السلعة التي لا توجد عند أحدهم إذا وقف عنده المشتري فذهب إلى جاره وأخذ منه السلعة على
1 / 11
أنه يبيعها له، وكان الثمن معلوما عند هذا الذي أخذها وباعها لصاحبها بالثمن المعلوم بينهما، فإن هذا لا بأس به، لأن الوكالة كما قال أهل العلم تنعقد بما دلّ عليها من قول أو فعل.
***
السؤال السادس: ما الحكم فيما إذا أتى المشتري واشترى بضاعة الذهب ثم اشترط إذا لم تصلح يردها للمحل للاستبدال أو استرداد قيمتها، وما هي الطريقة المشروعة في مثل هذه الحالة حيث إن بعضهم قد يكون بعيد المسافة عن المدينة مما يستحيل العودة بنفسه إلى المحل في نفس اليوم أو اليوم الثاني؟
الجواب: الأفضل في مثل هذا والأحسن أن يأخذ السلعة الذهبية قبل أن يتم العقد، ويذهب بها إلى أهله، فإن صلحت رجع إلى صاحب الدكان وباع معه واشترى من جديد هذا هو الأفضل. أما إذا اشتراها منه وعقد العقد ثم اشترط الخيار له إن صلحت
1 / 12
لأهله وإلا ردها، فهذه محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من أجاز ذلك وقال: إن المسلمين على شروطهم، ومنهم من منع ذلك وقال: إن هذا الشرط يحل حراما وهو التفرق قبل تمام العقد على وجه لازم. والأول ظاهر اختيار شيخ الإسلام بن تيمية، والثاني هو المشهور من المذهب، وأن كل عقد يشترط فيه التقابض فإنه لا يصح فيه شرط الخيار. وعلى هذا فإذا أراد الإنسان أن تبرأ ذمته ويسلم فليسلك الطريقة الأولى أن يأخذها ويشاور عليها قبل أن يتم العقد.
ما معنى قبل أن يتم العقد؟؟
أي يعطهم دراهم رهنا أو أي سلعة يستوثقون بها لا على أنها ثمن للذهب الذي اشتراه
***
السؤال السابع: ما الحكم في أن بعض أصحاب محلات الذهب يشتري ذهبا مستعملا نظيفا ثم يعرضه للبيع بسعر الجديد. فهل يجوز مثل هذا أو يلزمه تنبيه المشتري
1 / 13
بأنه مستعمل أو لا يلزم حيث إن بعض المشترين لا يسأل هل هو جديد أم لا؟
الجواب: الواجب عليه النصيحة، وان يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومن المعلوم لو أن شخصا باع عليك شيئا مستعملا استعمالًا خفيفا لم يؤثر فيه وباعه عليك على أنه جديد لعددت ذلك غشا منه وخديعة، فإذا كنت لا ترضى أن يفعل بك الناس هذا فكيف تسوغ لنفسك أن تفعله بغيرك. وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يفعل مثل هذا الفعل حتى يبين للمشتري ويقول له: إن هذا قد استعمل استعمالا خفيفا أو ما أشبه ذلك.
***
السؤال الثامن: ما الحكم فيمن سلم ذهبه لمصنع الذهب ليصنعه فربما اختلط ذهبه مع ذهب غيره حال صهر الذهب في المصنع ولكن عند استلامه من المصنع يستلمه بنفس الوزن الذي سلّمه؟
1 / 14
الجواب يجب على المصنع أن لا يخلط أموال الناس بعضها ببعض، وأن يميز كل واحد على حدة إذا كان عيار الذهب يختلف. أما إذا كان عيار الذهب لا يختلف فلا حرج أن يجمعها لأنه لا يضر.
***
س: وهل يلزم تسديد أجرة التصنيع عند استلام الذهب أو نعتبره حساب جاري؟
ج: لا يلزم أن يسدد لأن هذه الأجرة على عمل، فإن سلمها حال القبض فذاك وإلا متى سلّمها صحّ.
السؤال التاسع: ما رأي فضيلتكم حيث إن بعض المشترين للذهب يسأل عن سعر الذهب ثم إذا علم بسعره قام وأخرج ذهبا مستعملا معه وباعه، وعند استلامه الدراهم يقوم ويشتري بضاعة جديدة؟
الجواب: هذا لا بأس به إذا لم يكن هناك اتفاق ومواطأة
1 / 15
من قبل إلا أن الإمام أحمد ﵀ يرى أنه في مثل هذه الحالة يذهب ويطلب من جهة أخرى فيشتري منها، فإن لم يتيسر له ذلك رجع إلى الذي باع عليه أولا ليشتري منه حتى يكون ذلك ابعد عن الشبهة، شبهة الحيلة
***
السؤال العاشر: ما الحكم فيمن باع ذهبا على صاحب المحل ثم يشتري ذهبا آخر من صاحب المحل بمبلغ مقارب للمبلغ الذي باع عليه به مثلا، ثم يسدد له قيمة الذهب الذي اشتراه من قيمة الذهب الذي باعه وهو لم يستلمها؟
الجواب: هذا لا يجوز، لأنه إذا باع شيئا بثمن لم يقبض واعتاض عن ثمنه ما لا يحل بيعه به نسيئة، فقد صرح الفقهاء بأن هذا حرام،لأنه قد يتخذ حيله على بيع ما لا يجوز فيه النسيئة بهذه الصفة بدون قبض، وإذا كان من
1 / 16
جنسه صار حيلة على ربا الفضل (^١) وربا النسيئة (^٢) .
***
السؤال الحادي عشر: ما حكم من اشترى ذهبا وبقي عليه من قيمته وقال أتي بها إليك متى تيسر؟
الجواب: لا يجوز هذا العمل، وإذا فعله صح العقد فيما قبض عوضه، وبطل فيما لم يقبض، لأن النبي ﷺ قال في بيع الذهب بالفضة: (بيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيدٍ) (^٣)
***
السؤال الثاني عشر: ما الحكم فيمن اشترى ذهبا وتم البيع عليه ثم سدد القيمة وبقي عليه جزء من المبلغ فهل يجوز أن يذهب إلى أي مكان ليأتي بالباقي بعد قليل مثلا من (السيارة أو البنك) ولم يستلم الذهب إلا بعد
_________
(^١) ربا الفضل: هو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة.
(^٢) ربا النسيئة: تأخير القبض في بيع ما يشترط فيه القبض من الربويات.
(^٣) رواه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، رقم (١٥٨٧) .
1 / 17
أن أتى بالباقي، فهل يصح هذا العمل؟ وإلا يلزم إعادة العقد بعدما أتى بالباقي؟
الجواب: الأولى أن يعاد العقد بعد أن يأتي بالباقي، وهذا لا يضر ماهو إلا إعادة الصيغة فقط مع مراعاة السعر إن زاد أو نقص، وإن تم العقد على السعر الاول فلا باس، وإن ترك العقد حتى يأتي بباقي الثمن كان أولى، لأنه لا داعي للعقد قبل إحضار الثمن، والله الموفق.
***
السؤال الثالث عشر: هنالك بعض أصحاب محلات الذهب يذهب إلى تاجر الذهب ويأخذ منه ذهبا جديدا بوزن كيلو مثلا، ويكون هذا الذهب مخلوطا به فصوص سواء كانت من الأحجار الكريمة المسماة بالألماس أو الزراكون أو غيرها، ويعطيه المشتري مقابل هذا الكيلو ذهبا صافيا وزنا بوزن، ولكنه ليس فيه فصوص، ثم إن البائع يأخذ زيادة على ذلك تسمى أجرة التصنيع. فيكون عند البائع زيادتان أولهما زيادة ذهب
1 / 18
مقابل وزن الفصوص، وثانيهما زيادة أجرة التصنيع لأنه تاجر ذهب وليس مصنع ذهب. فما حكم هذا العمل وفقكم الله؟
الجواب: هذا العمل محرم لأنه مشتمل على الربا. والربا فيه كما ذكر السائل من وجهين: الوجه الاول زيادة الذهب حيث جعل ما يقابل الفصوص وغيرها ذهبا وهو شبيه بالقلادة التي ذكرت في حديث فضالة بن عبيد حيث أشتري قلادة فيها ذهب وخرز باثني عشر دينارا، ففصلها فوجد فيه أكثر، فقال النبي صل الله عليه وسلم: (لا تباع حتى تفصل) (^١)
أما الوجه الثاني: فهو زيادة أجرة التصنيع، لأن الصحيح أن زيادة أجرة التصنيع لا تجوز، لأن الصناعة وإن كانت من فعل الآدمي لكنها زيادة وصف في الربوي تشبه زيادة الوصف الذي من خلق الله ﷿، وقد نهى النبي ﷺ أن يشتري
_________
(^١) رواه مسلم في كتاب المساقاة، باب القلادة فيها خرز وذهب، رقم (١٥٩١) .
1 / 19
صاع التمر الطيب بصاعين من التمر الردئ (^١) والواجب على المسلم الحذر من الربا والبعد عنه لأنه من أعظم الذنوب
***
السؤال الرابع عشر: ما حكم العمل عند أصحاب محلات الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلا محرمة أو غشا أو غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع؟
الجواب: العمل عند هولاء الذين يتعاملون بالربا أو بالغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة، العمل عند هولاء محرم، لقول الله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة ٢) ولقوله: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في
_________
(^١) متفق عليه، وتقدم تخريجه ص (٨) .
1 / 20
حديث غيره إنكم إذًا مثلهم) (النساء: ١٤٠)
ولقول النبي ﷺ: (من رأى منكم منكرا فلغيره بيده فإن لم يستطيع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) (^١) . والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه فيكون عاصيا للرسول ﷺ.
***
السؤال الخامس عشر: ما حكم التعامل بالشيكات في بيع الذهب إذا كانت مستحقة السداد وقت البيع حيث إن بعض أصحاب الذهب يتعامل بالشيكات خشية على نفسه ودراهمه أن تسرق منه؟
الجواب: لا يجوز التعامل بالشيكات في بيع الذهب أو الفضة، وذلك لأن الشيكات ليست قبضا وإنما هي وثيقة حوالة فقط بدليل أن هذا الذي أخذ الشيك لو ضاع منه لرجع على الذي أعطاه إياه، ولو كان
_________
(^١) رواه مسلم كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان رقم (٤٩) .
1 / 21
قبضًا لم يرجع عليه.
وبيان ذلك أن الرجل لو اشترى ذهبًا بدراهم فاستلم البائع الدراهم فضاعت منه لم يرجع على المشتري، ولو أنه أخذ من المشتري شيكا ثم ذهب به ليقبضه من البنك ثم ضاع منه فإنه يرجع على المشتري بالثمن. وهذا دليل على أن الشيك ليس بقبض، وإذا لم يكن قبضا لم يصح البيع، لأن النبي ﷺ أمر أن يكون بيع الذهب بالفضة يدا بيد. إلا إذا كان الشيك مصدقا من قبل البنك واتصل البائع بالبنك وقال ابق الدراهم عندك وديعة لي، فهذا قد يرخص فيه. والله اعلم.
***
السؤال السادس عشر: ما حكم بيع الذهب الذي يكون فيه رسوم أو صور مثل فراشة أو رأس ثعبان وما شابه ذلك؟
الجواب: الحلي الذهب أو الفضة المجعول على صورة حيوان حرام بيعه وحرام شراءه وحرام لبسه، وحرام اتخاذه، وذلك لأن الصور يجب على
1 / 22