The Fundamentals of the People of the Sunnah and the Community
أصول أهل السنة والجماعة
Genre-genre
رواية أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث في قصة الغرانيق
وعن ابن شهاب الزهري قال: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: (أن رسول الله ﷺ وهو بمكة قرأ عليهم: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ [النجم:١]، فلما بلغ إلى قوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى﴾ [النجم:١٩ - ٢٠] قال: إن شفاعتهن ترتجى، سها رسول الله ﷺ، -سها أي: قال ذلك سهوًا-، فلقيه المشركون الذين في قلوبهم مرض، فسلموا عليه وفرحوا بذلك، فقال لهم: إنما ذلك من الشيطان، فأنزل الله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ﴾ [الحج:٥٢] الآيات)، فهذه رواية أخرى تثبت أن النبي ﵊ قال ذلك سهوًا.
وفي رواية: لما أنزل الله سورة النجم وكان المشركون يقولون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه على ما هم عليه، ولكن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر به آلهتنا، أي: يعيب آلهتنا بما لا يعيب بمقداره ونسبته دين اليهود والنصارى، وكان النبي ﵊ يسب آلهتهم ويشتمها.
وكان النبي ﵊ اشتد عليه ما ناله أصحابه من أذاهم وتكذيبهم، وأحزنته ضلالتهم، فكان يتمنى كف أذاهم، وعند ابن كثير: يتمنى هدايتهم، فلما أنزل الله سورة النجم، قال: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى﴾ [النجم:١٩ - ٢٠] ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الطواغيت، فقال: وإنهن لهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى، فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة، وزلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها، وقالوا: إن محمدًا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه، فلما بلغ رسول الله ﷺ: ﴿وَالنَّجْمِ﴾ [النجم:١] سجد وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك، ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة عند المهاجرة الأول، فأنزل الله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ﴾ [الحج:٥٢] الآيات، فلما بين الله قضاءه وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعدوانهم على المسلمين مرة أخرى، واشتدوا عليهم أكثر من شدتهم أولًا.
2 / 8