The Fundamentals of the People of the Sunnah and the Community
أصول أهل السنة والجماعة
Genre-genre
قصة الغرانيق وما نزل من القرآن حولها
فما هي قصة الغرانيق؟ قصة عظيمة جدًا في ضلالها وبطلانها وفسادها، قصة مناقضة لأصول استقرت عند العقلاء فضلًا عن أهل السنة والجماعة، قصة لا يقبلها عقل محترم قط، قصة الغرانيق هي افتراء من الشيطان على ألسنة المشركين في العهد المكي، قصة الغرانيق إذا طبقها عبد كاد يهدم الشريعة من أصلها ولا يبقى له من إيمانه ذرة، قصة الغرانيق لها حكاية في سورة النجم، كما أن لها حكاية وتكملة وسببًا للنزول في سورة الحج.
قال الله تعالى في سورة النجم في بيان قصة الغرانيق: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى﴾ [النجم:١٩ - ٢١]، يخاطب الله تعالى المشركين: أتجعلون لله ﵎ الأنثى وتجعلون لكم الذكور؟ ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم:٢٢] قسمة جائرة فاسدة أن تجعلوا لكم الذكور ولله تعالى الإناث، قال: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى * أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى * فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى * وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [النجم:٢٣ - ٢٦]، إذا كان هذا في شأن الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فكيف بشفاعة أصنام وأوثان صنعتها أيدي المخلوقين، فعبدوها من دون الله ﷿؟ كيف يكون لها الشفاعة وهي لا تملك لنفسها فضلًا عن غيرها نفعًا ولا ضرًا؟ ﴿إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى * وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم:٢٧ - ٢٨]، ثم ينبه الله تعالى نبيه بالإعراض عن هذا المعتقد الفاسد والطغيان والبغي، فقال سبحانه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾ [النجم:٢٩ - ٣٠].
هذه الآيات لما نزلت على نبينا ﵊ تلاها في ناد من نوادي المشركين.
قال: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى﴾ [النجم:١٩ - ٢٠]، فزعموا أن الشيطان أوحى على لسان النبي ﵊ بعد أن تلا هاتين الآيتين: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، فيزعمون أنهم سمعوا هذا من النبي ﵊.
﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى﴾ [النجم:١٩ - ٢٠] تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى؛ يزعمون أنهم سمعوا هذا من النبي ﵊، وليس الأمر كذلك؛ وأنه لما سمع بهذا النبي ﵊ شق عليه ذلك، وبلغت المشقة مبلغها في نفسه ﵊، فأنزل الله ﵎ آياته في سورة الحج التي مطلعها: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ﴾ [الحج:٥٢ - ٥٥] أي في شك: ﴿مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [الحج:٥٥ - ٥٧].
هذه الآيات من سورة النجم وسورة الحج قضت قضاء مبرمًا على قصة الغرانيق التي افتراها الشيطان على ألسنة المشركين.
2 / 3