The Foundational Methodology for Studying Analytical Exegesis
المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي
Genre-genre
فمهما أمرَه القرآن فعله، ومهْما نهاه عنه تركه» (^١). وحسبنا في ذلك ثناء ربه عليه في محكم كتابه بقوله سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤].
ولقد بلغ من عِظَم مكانة الأخلاق في الإسلام أن النبي ﷺ كأنَّه حصر حقيقة بعثته، والغاية المهمة من رسالته ودعوته، في تقويم الأخلاق وإتمام مكارمها وإكمال محاسنها.
وكأني بمكارم الأخلاق صرحًا شامخ البنيان مكتمل الأركان شيده النبيون والمرسلون ﵈، وَبُعِثَ النبيُّ ﷺ ليتم هذا الصرح، فيكتمل بنيانه المرصوص ببعثته ﷺ.
يقول ﷺ فيما رواه أبو هريرة -رض الله عنه-: «إنما بعثت لأتمم مكارم -في رواية: أبي صالح- الأخلاق» (^٢).
قال المناوي: ««إنما بُعِثت» أي: أُرسلت «لأتمم» أي: لأكمل «الأخلاق» بعد ما كانت ناقصة، وأجمعها بعد ما كانت متفرقة» (^٣).
ولذلك حرص الإسلام على غرس تلك الأخلاق ومكارمها وفضائلها في نفوس أتباعه، وحثهم على التمسك بها ورغبهم فيها.
ولقد كانت بعثته ﷺ من أجل تزكية تلك النفوس وتطهيرها وتعليمها، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢)﴾ [الجمعة: ٢]. وكما قال سبحانه أيضًا: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١)﴾ [البقرة: ١٥١].
(^١) تفسير ابن كثير (جـ ٤) (ص ٤٠٣).
(^٢) إنما بعثت لأتمم مكارم (وفي رواية صالح) الأخلاق).
قال الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٧٥): رواه البخاري في الأدب المفرد (رقم: ٢٧٣)، وابن سعد في الطبقات (١/ ١٩٢)، والحاكم (٢/ ٦١٣)، وأحمد (٢/ ٣١٨)، وابن عساكر تاريخ دمشق (٦/ ٢٦٧/ ١) من طريق ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا. وهذا إسناد حسن.
وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي، وابن عجلان إنما أخرج له مسلم مقرونًا بغيره.
وله شاهد: أخرجه ابن وهب في الجامع (ص ٧٥)، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم مرفوعًا به.
وهذا مرسل حسن الإسناد، فالحديث صحيح. وقد رواه مالك في الموطأ (٨/ ٩٠٤/ ٢) بلاغًا.
وقال ابن عبد البر: هو حديث صحيح متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره.
وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم»، ووافقه الذهبي، وابن عجلان إنما أخرج له مسلم مقرونًا بغيره، وهذا إسناد حسن.
(^٣) فيض القدير بشرح الجامع الصغير (٢/ ٧١٠).
1 / 249