The Excuse of Ignorance Under Shariah Scrutiny
العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي
Penerbit
دار الكتاب والسنة
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
Lokasi Penerbit
باكستان
Genre-genre
ومن المعلوم أن الإقرار بالربوبية يتضمن: أننا عبيد. والرب مشتق من التربية، والتربية تستلزم التشريع أي: الأوامر والنواهي والحلال والحرام، والتشريع يستلزم البلاغ أي: الإيمان بالرسل، والربوبية تستلزم أيضًا الطاعة وإفراد هذا الرب بالتلقي والتوجه والتأله له وحده لا شريك له، فهذا كله المقصود بقوله -تعالى-: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ). وهنا نكتة قد نبه عليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذا المقام فقال فاعلم أن الربوبية والألوهية يجتمعان ويفترقان كما في قوله -تعالى-: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ). وكما يقال: رب العالمين وإله المرسلين، وعند الإفراد يجتمعان كما في قول القائل من ربك ...
إذا ثبت هذا فقول الملكين للرجل في القبر: من ربك؟ معناه من إلهك لأن الربوبية التي أقر بها المشركون ما يمتحن أحد بها وكذلك قوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) [الحج: ٤٠]. وقوله: (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا) [الأنعام: ١٦٤]. وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) [فصلت: ٣٠]. فالربوبية في هذا هي الألوهية وليست قسيمة لها كما تكون قسيمة لها عند الاقتران فينبغي التفطن لهذه المسألة (١) اهـ.
قلت: فهذا كلام عالم خبير بمقاصد القرآن وعليه أيضًا يتنزل قوله -تعالى-: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ). أي ألست بإلهكم ويدل على هذا المعنى وينص عليه في بيان ووضوح الحديث الذي في الصحيحين في الرجل من أهل النار الذي يقال له أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقول له المولى: "أردت منك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا أن تشرك بي".
قال الحافظ قال عياض: يشير بذلك إلى قوله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) الآية. فهذا الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم، فمن وفّى به بعد وجوده في الدنيا فهو مؤمن (٢) ومن لم يوف به فهو الكافر فمراد الحديث أردت
_________
(١) تاريخ نجد ص: ٢٥٩.
(٢) ومن المعلوم أن المقر لله بتوحيد الربوبية فقط لا يكون مؤمن ومن هذا نعلم قول الحافظ فمن وفى به بعد وجوده في الدنيا فهو مؤمن أن العهد أخذ في توحيد الربوبية المستلزم لتوحيد الإلهية.
1 / 40