The Excuse of Ignorance Under Shariah Scrutiny
العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي
Penerbit
دار الكتاب والسنة
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
Lokasi Penerbit
باكستان
Genre-genre
قال الحافظ ... فأما حديث "من دعا إلى ضلالة" فأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي ... عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا" ...
قال: المهلب هذا الباب والذي قبله في معنى التحذير من الضلال واجتناب البدع ومحدثات الأمور في الدين، والنهي عن مخالفة سبيل المؤمنين. انتهى. ووجه التحذير: أن الذي يحدث البدعة قد يتهاون بها لخفة أمرها في أول الأمر ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة وهو أن يلحقه إثم من عمل بها من بعده ولو لم يكن هو عمل بها بل لكونه كان الأصل في إحداثها (١). ا. هـ.
قلت: فمن النص القرآني والأحاديث الصحيحة بعلم: أن الضلال والوزر يقعان مع الجهل والتقليد المحض في الشرك والبدع ومحدثات الأمور وهذا يخصص عموم قوله -تعالى- (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ).
قال ابن كثير وقال ابن جرير: يقول الله -تعالى-: وما كان الله ليقضي عليكم في استغفاركم لموتاكم المشركين بالضلال بعد إذ رزقكم الهداية ووفقكم للإيمان به وبرسوله حتى يتقدم إليكم بالنهي عنه فتتركوا، فأما قبل أن يبين لكم كراهيته ذلك بالنهي عنه ثم تتعدوا نهيه إلى ما نهاكم عنه، فإنه لا يحكم عليكم بالضلال فإن الطاعة والمعصية إنما يكونان من المأمور والمنهي، وأما من لم يؤمر ولم ينه فغير كائن مطيعًا أو عاصيًا فيما لم يؤمر به ولم ينه عنه. ا. هـ.
قلت: انظر رحمك الله قول الإمامين ابن كثير وابن جرير في هذه الآية وفي آية "فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ". صريح بالمؤاخذة في الاعتقاد وبغير المؤاخذة في الأوامر والنواهي في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا). وهذا أكبر دليل على أن مناط الآية الأولى غير مناط الآية الثانية ولا تعارض بينهما لعدم اتحاد مناطهما.
(١) فتح الباري جـ: ١٣ ص: ٣١٥.
1 / 232