وقد استعمل هذه القاعدة كثير من أئمة العلم والدين في كسر المبتدعة وتفنيد شبهاتهم، كصنيع الإمام الشافعي ﵀ في كتاب «الرسالة»، وفي كتاب «مختلف الحديث»، وكذلك الإمام أحمد ﵀ في «الرد على الجهمية» والإمام ابن قتيبة ﵀ في كتاب «مختلف الحديث»، والطحاوي ﵀ في «مشكل الآثار» وغير هؤلاء كثير من أئمة السنة». (١)
ثم إنه لو اكتفى الشيخ رشيد رضا بذكر الروايات الصحيحة واعتمد عليها وأهمل غيرها من الروايات الموضوعة والمكذوبة وما أكثرها، لما وجد هناك تعارضًا فيما بين الأحاديث الصحيحة وإن كان هناك ما يوهم التعارض منها فقد بينه العلماء وشراح الحديث، وذلك بالجمع بين الروايات الصحيحة والترجيح بينها من دون رد لأي منها أو إهماله.
ونضرب لذلك مثالًا ليتضح المقصود، وذلك بذكر كيفية جمع القاضي عياض بين الرواية الصحيحة الواردة في الصحيحين في وصف عين الدجال اليمنى بالعور.
وبين الرواية الصحيحة الأخرى الواردة في صحيح مسلم في وصف عين الدجال اليسرى بالعور دون رد لأي منهما.
حيث ذهب إلى أن عيني الدجال كلتيهما معيبة، لأن الروايات كلها صحيحة، وتكون العين المطموسة والممسوحة هي العوراء الطافئة بالهمز أي التي ذهب ضوؤها وهي العين اليمنى كما في حديث ابن عمر. (٢)
(١) منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان علي حسن (١/ ٣٤٨).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الفتن - باب ذكر الدجال (٦/ ٢٦٠٧)، رقم (٦٧٠٩).