The Delight of Publication in the Interpretation of the Ten Commandments
أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر
Penerbit
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genre-genre
يضبط الناس بها معاملاتهم وزنًا وكيلا، فجعل ميزان أهل مكة ومكيال أهل المدينة أساسًا لمقادير الأوزان العالمية المتنوعة في البلدان بحسب تنوع الأعراف فيها، ولاريب أن تنوع الأعراف غالبًا ما يكون سببًا في الاختلاف لاسيما في المعاملات، ففهم صاحب هذا الرأي أن الحديث الشريف جاء حاسمًا لأي اختلاف قد يطرأ مرشدًا إلى ما يحدد المقدار مما يكال ويوزن وذلك بالرجوع إلى ميزان أهل مكة، ومكيال أهل المدينة فتخضع جميع مقادير الموازين العالمية عند الاختلاف لمقدار ميزان أهل مكة، فتخضع جميع مقادير المكاييل العالمية لمقدار مكيال المدينة. والحق أن من ذهب إلى هذا الفهم وأول الحديث الشريف عليه قد أبعد النجعة ولم يحالفه الصواب. إذ أن ما عليه أكثر الفقهاء وعلماء الأمصار خلاف هذا الفهم، ولأن الشريعة الإسلامية لم تغفل العرف وجعلت له دورًا في حل كثير من القضايا وبيان ذلك لو أن رجلًا أقَر لرجل بموزون أو مكيل لكن وقع بينهما خلاف في المقدار، فإن الشرع في هذه الحال يعطي العرف دوره في حل هذا الاختلاف وذلك بأن يحكم في تحديد المقدار بما تعارف عليه أهل البلد الذي تم فيه التعامل وهو حكم لا غبار عليه. والأمر الهام الذي جاء الحديث الشريف ليعطي فيه قاعدة شرعية هو نوع واحد من الموزون ذلك النوع هو الذهب والفضة لأن هذا النوع يتعلق به حكم شرعي، هو وجوب الزكاة، أو عدمه. بخلاف غيره مما يتعلق بمعاش الناس، وما يتعاملون به في البيع والشراء، ولما كان المضروب من الذهب والفضة. يختلف باختلاف الأمصار١ ويتعلق به الحكم الشرعي تدخلت السنة المطهرة لتضع قاعدة تحدد مقدارًا ترجع إليه الأمة في تحديد ما يجب شرعا، فجعلت ميزان أهل مكة مرجعًا يحسم اختلاف الناس في الذهب والفضة خاصة، وكذلك قوله ﷺ: "والمكيال مكيال أهل المدينة" أراد به نوعًا خاصًا وهو الصاع الذي يتعلق به حكم شرعي فبه تقدر زكاة الحبوب، وصدقة الفطر، وتقدر النفقات، وحكم الأمة في هذه الأمور واحد وإن تعددت البلدان ونأت بهم الديار، وتنوع المكاييل بحسب تنوع الأعراف، فلكل بلد
١ منها: البغلي. وهو ثمانية دوانيق. ومنها: الطبري: وهو أربعة دوانيق. ومنها: الخوارزمي نسبة إلى خوارزم. ومنها: الدرهم الوزان، وهو من دراهم الإسلام الجائز بين الناس في عامة البلدان. وهو ستة دوانيق، وهو نقد أهل مكة، ووزنهم الجائز بينهم. ومما تجدر الإشارة إليه أن أهل المدينة كانوا يتعاملون بالدراهم عدًا وقت مقدم رسول الله ﷺ ويؤيد هذا أن عائشة ﵂ قالت لبريرة في شأن ثمنها: "إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فعلت". فأرشد النبي ﷺ الناس إلى الوزن في الدراهم والدنانير، وجعل العيار وزن أهل مكة، دون ما يتفاوت وزنه منها في سائر البلدان. لمزيد العلم انظر: معالم السنن مع سنن أبي داود ٣/٦٣٣-٦٣٦.
71 - 72 / 18