104

The Critique and Clarification in Dispelling the Illusions of Khuzayran

النقد والبيان في دفع أوهام خزيران

Penerbit

مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Lokasi Penerbit

فلسطين

Genre-genre

وقد بيّنا ذلك فيما سبق نقلًا عن الإمام الشاطبي. أمّا دعواه أنَّ الناس اليوم يجتمعون على قراءة القرآن؛ مثل اجتماع النبي ﷺ مع عصابة من ضعفاء المهاجرين، وكون الناس اليوم داخلين فيما يصدق عليه قوله ﷺ: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله -تعالى-، يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السَّكينة، وغشيتهم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» (١)، فالمشاهدة تدلُّ على خلافه، كما يشهد بذلك كلُّ مُنصفٍ، كما أنَّ دعواه أنَّ المستمعين ينصتون بخشوع، متفكّرين في معاني ما يتلى على مسامعهم، مترنِّمين بمبشراتها، متَّعظين خائفين من منذراتها، بذرف الدُّموع، وخشية القلب، وقشعريرة الجسم ... إلى آخر ما جاء في عبارته، فهي غير صحيحة -أيضًا-؛ لأنَّ المستمعين لو وصلوا إلى هذه الدَّرجة من التَّفكّر في معاني ما يتلى على مسامعهم ... إلى آخر ما ذكره؛ لكانوا في مقدِّمة الأمم، ولسادوا العالم أجمع، ولأعدّوا لأرباب البدع ومؤازريهم الذين شوَّهوا هذا الدين الحنيف، وأوصلوا أهلَه إلى الحضيض، ما يتألم منه حضرة خزيران، وأستاذه الجزَّار، ويشهد -أيضًا- على عدم وصول العوامّ إلى هذه الدرجة قول خزيران نفسه في رسالته «فصل الخطاب» (ص ١٠): «خصوصًا في هذا الزَّمان، الذي قد استحكمتْ فيه الغفلةُ للجميع، وعمَّت البلوى فيه للرَّفيع والوضيع» . ومن هذا يعلم: أنَّ جميع الأدلة التي أوردها من الأحاديث، وأقوال العلماء فيما يتعلَّق بتلاوة القرآن هي حُجّةٌ لنا لا علينا، إذ قد يثبت بها التلاوة المشروعة التي دعونا الناس إليها، أما تطبيق الأدلة على حالة المسلمين اليوم؛ فهو خلاف الواقع، وقلب للحقائق.

(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» (رقم ٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة.

1 / 104