وقد استدل - ابن حجر - غفر الله له - بالعقل في بعض المسائل العقدية، وجانب الصواب فيها؛ نظرًا لمخالفته منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال به - كما سيأتي -.
ثانيًا: منهجه في تقرير العقيدة:
سلك - ابن حجر - عفا الله عنه - في تقرير العقيدة منهج المتكلمين، وبرز ذلك في عدة جوانب، منها:
١ - معارضته النقل بالعقل، وتقديمه العقل عليه. وحكمه بموجبه:
من الأصول المقررة أن "ما علم بصريح العقل لا يتصور أن يعارضه الشرع البتة، بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط" (^١).
فالمعارضة بين النقل الصحيح والعقل الصريح وَهْم عقلي لا وجود له في الواقع.
وأول من عارض بين العقل والنقل وقدم المعقول على المنقول هم الجهمية (^٢)، ثم انتقل ذلك إلى المعتزلة (^٣)، وتبعهم عليه الأشاعرة
= الاستقامة له أيضًا، الصواعق المرسلة لابن القيم (٤/ ١٢٧٧)، شرح الطحاوية (١/ ٢٧٧)، وللاستزادة: منهج السلف والمتكلمين في موافقة العفل للنقل لجابر إدريس.
(^١) درء التعارض (١/ ١٤٧).
(^٢) الجهمية: هم طائفة من أهل الباع، ينتسبون إلى الجهم بن صفوان السمرقندي، من بدعهم: القول بنفي الأسماء والصفات عن الله تعالى، وأن العبد مجبور على فعله ولا قدرة له ولا اختيار، وأن الإيمان إنما هو المعرفة، وأنه لا يزيد ولا ينقص، وغيرها.
انظر: التنبيه والرد (ص ١١٠)، مقالات الإسلاميين (١/ ٢١٤)، الفرق بين الفرق (ص ٢١١)، الملل والنحل للبغدادي (ص ١٤٥)، الفصل (٤/ ٢٠٤)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٨٦)، البرهان (ص ٤).
(^٣) المعتزلة هي فرقة ظهرت في الإسلام في أوائل القرن الثاني، وسلكت منهجًا عقليًا متطرفًا في بحث العقائد الإسلامية، ورأسها واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد، وجملة أصولهم خمسة هي: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ستروا تحت كل واحد منها معنى باطلًا يخالف المتبادر منه.
انظر: التنبيه والرد للملطي (ص ٤٩)، مقالات الإسلاميين (١/ ٢٣٥)، الفرق بين الفرق (ص ١١٤)، الملل والنحل للبغدادي (ص ١٨٣)، الفصل (٥/ ٥٧)، التبصير في الدين =