وقول القائل: مطرنا بنوء كلذا لا يخرج عن حاليق:
أحدهما: أن يعتقد أن المنزل هو النجم وحده، أو أنه شريك لله تعالى في ذلك فهذا كفر أكبر بالاتفاق.
وثانيهما: أن يعتقد أن المنزل هو الله وحده، وأن النجم سبب لذلك، أو علامة جعلها الله عليه، فهذا مما اختلف أهل العلم في حكمه (^١).
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله ﵀: "الاستسقاء بالنجوم نوعان:
أحدهما: أن يعتقد أن المنزل للمطر هو النجم، فهذا كفر ظاهر؛ إذ لا خالق إلا الله، وما كان المشركون هكذا، بل كانوا يعلمون أن الله هو المنزل للمطر، كما قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [العنكبوت: ٦٣] وليس هذا معنى الحديث (^٢)، فالنبي ﷺ أخبر أن هذا لا يزال في أمته، ومن اعتقد أن النجم ينزل المطر، فهو كافر.
الثاني: أن ينسب المطر إلى النجم، مع اعتقاده أن الله تعالى هو الفاعل لذلك المنزل له، إلا أنه ﷾ أجرى العادة بوجود المطر عند ظهور ذلك النجم، فحكى ابن مفلح (^٣) خلافًا في مذهب أحمد في تحريمه وكراهته، وصرح أصحاب الشافعي بجوازه.
والصحيح أنه محرم، لأنه من الشرك الخفي، وهو الذي أراده
(^١) انظر: الأم للشافعي (١/ ٢٥٢)، التمهيد (١٦/ ٢٨٦)، شرح السنة للبغوي (٤/ ٤٢١)، المنتقى للباجي (١/ ٣٣٤ - ٣٣٥)، شرح صحيح مسلم للنووي (٢/ ٦٠)، والأذكار له أيضًا (ص ٣١٨)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٧/ ٢٢٩)، فتح الباري (٢/ ٦٠٨)، تيسير العزيز الحميد (ص ٤٥٤)، فتح المجيد (٢/ ٥٣٩)، القول المفيد لابن عثيمين (٢/ ١١٥).
(^٢) يشير إلى حديث أبي مالك الأشعري وفيه: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن وذكر منها الاستسقاء بالنجوم"، والحديث أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة (٢/ ٦٤٤) برقم (٩٣٤).
(^٣) هو محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الراميني ثم الصالحي، أحد أعلام الحنابلة في وقته، وتلاميذ شيخ الإسلام ابن ثيمية، من مؤلفاته: الفروع، والآداب الشرعية، وأصول الفقه وغيرها، توفي سنة (٧٦٣ هـ).
انظر: الدرر الكامنة (٤/ ١٦١)، شذرات الذهب (٦/ ١٩٩).