249

المختصر المفيد في عقائد أئمة التوحيد

المختصر المفيد في عقائد أئمة التوحيد

Penerbit

مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

ونهى أن يجعل كالعيد الذي إنما يكون في العام مرة أو مرتين، فكأنه قال: لا تجعلوه كالعيد الذي يكون من الحول إلى الحول، واقصدوه كل ساعة وكل وقت.
قال ابن القيم ﵀: وهذا مراغمة ومحادَّة ومناقضة لما قصده الرسول ﷺ وقلب للحقائق، ونسبة الرسول ﷺ إلى التلبيس والتدليس بعد التناقض، فقاتل الله أهل الباطل أن يؤفكون.
ولا ريب أن من أمر الناس باعتياد أمر وملازمته وكثرة انتيابه بقوله: لا تجعلوا عيدًا، فهو إلى التلبيس وضد البيان أقرب منه إلى الدلالة والبيان، وهكذا غيرت أديان الرسل، ولولا أن الله أقام لدينه الأنصار والأعوان الذابِّين عنه، لجرى عليه ما جرى على الأديان قبله، ولو أراد رسول الله ﷺ ما قاله هؤلاء الضلاَّل لم ينه عن اتخاذ قبور الأنبياء مساجد، ويلعن فاعل ذلك، فإنه إذا لعن من اتخذها مساجد يعبد الله فيها، فكيف يأمر بملازمتها والعكوف عندها، وأن يعتاد قصدها وانتيابها، ولا تجعل كالعيد الذي يجيء من الحول إلى الحول؟ وكيف يسأل ربه أن لا يجعل قبره وثنًا يُعبد؟ وكيف يقول أعلم الخلق بذلك؟ «ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن خشي أن يتخذ مسجدًا»، وكيف يقول: «لا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليّ حيثما كنتم؟».
وكيف لا يفهم أصحابه وأهل بيته من ذلك، ما فهمه هؤلاء الضلال، الذين جمعوا بين الشرك والتحريف؟! وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين ﵄، نهى ذلك الرجل أن يتحرَّى الدعاء عند قبره ﷺ، واستدل بالحديث وهو الذي رواه وسمعه من أبيه الحسين عن جده علي ﵄، وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضلال، وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن شيخ أهل بيته، كره أن يقصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدًا. انتهى ....

1 / 272