منهج الله للناس (١).
الاجتهاد في زمن الصحابة:
كان الصحابة في حياة رسول الله ﷺ يتلقون الأحكام من رسول الله ﷺ، فإن غابوا عن مجلسه، ولم يعلموا حكمًا شرعيًّا في واقعة، اجتهدوا فيها، وسعوا في استنباط الأحكام لها، وقد دعاهم رسول الله ﷺ إلى ذلك في حضوره وغيابه، فقال: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد" (٢)، وأقر معاذ على الاجتهاد عند عدم النص، كما سيرد بعد قليل، وكان الصحابة سرعان ما يعرضون اجتهادهم على رسول الله ﷺ، فإن كان صوابًا أقره وباركه ودعا لصاحبه، وإن كان خطأ أنكره وبيَّن بطلانه، ولذلك فإن اجتهاد الصحابة في حياة رسول الله ﷺ يرجع إلى القسم الأول، فكأن الحكم صادر عن رسول الله بإقراره أو إبطاله أو إلغائه.
روي عن عبد الله بن عمرو أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ، فقال لعمرو: "اقض بينهما، فقال: أقضي بينهما"، وأنت حاضر يا رسول الله؟ قال: "نعم، على أنك إن أصبت فلك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر" (٣).