118

The Compendium of Prayer Rules - Mahmoud Owaida

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

Genre-genre

أما الحديث (د) الذي فيه «ألا دبغتموه فإنه ذكاته» فقد استدل به مَن قالوا إن الدباغ يُطهِّر جلود ميتات ما يُؤكل لحمها دون ما لا يُؤكل، فهؤلاء نظروا في قوله ﷺ «فإنه ذكاته» فقالوا إن الرسول ﷺ شبَّه الدَّبغ بالذكاة، والذكاة تعمل في مأكول اللحم، ولأنه أحد المُطهِّرَين للجلد فلم يُؤثِّر في غير مأكولٍ كالذبح. وقد نُقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: إن كل طاهر في الحياة يُطَهَّر بالدبغ لعموم لفظه في ذلك، ولأن قوله ﵊ «أيُّما إهابٍ دُبغ فقد طَهُر» يتناول المأكول وغيره خرج منه ما كان نجسًا في الحياة، لكون الذبح إنما يؤثِّر في دفع نجاسةٍ حادثةٍ بالموت، فيبقى ما عداه على قضية العموم. فأقول: أما القول الأول وهو أن الرسول ﵊ شبَّه الدبغ بالذكاة، والذكاة تعمل في مأكول اللحم، فهو قول صحيح إن كان الجلد الذي يُدبغ إنما يُدبغ من أجل أكله، وهذا ما لا يقولون به، فهم أرادوا أن يكون التشبيه كاملًا، وهذا يقتضي أن الذكاة تطهير، وأن التطهير يكون في المأكول، وأن الدِّباغ يُحوِّل غير المأكول لنجاسته إلى مأكولٍ لطهارته، وهذا اقتضاء فاسد، إذ لو كان القول في الدِّباغ لعضوٍ نجس في الميتة يُراد تحليله للأكل لصحَّ قولهم، فلما لم يَعْنُوا ذلك ولم يقولوا به، وأن الجلد لا يُدبغ لأجل الأكل، دلَّ ذلك على أن تشبيه ذكاة الجلد بذكاة الحيوان مأكول اللحم تشبيهًا كاملًا هو خطأ، وأن الصواب هو أن الذكاة للجلد لا تزيد عن كونها تعني التطهير فحسب، أي هي كلمة لغوية وليست هنا شرعية، وأن الدباغ لا يزيد عن كونه يُطهِّر الجلد، أي يُزيل نجاسته فحسب، أي يطيِّبه ليصبح صالحًا للاستعمال بعد أن كان نجسًا لا يصح الانتفاع به.

1 / 118