The Commentary on the Treatise of the Reality of Fasting and the Book of Fasting from the Branches and Selected Issues from It

Muhammad ibn Saalih al-Uthaymeen d. 1421 AH
78

The Commentary on the Treatise of the Reality of Fasting and the Book of Fasting from the Branches and Selected Issues from It

التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه

Genre-genre

كذا قالوا، ولم أجد عن أحمد أنه صرَّحَ بالوجوب، ولا أمَرَ به، فلا تتوجه إضافته إليه (١)؛ ولهذا قال شيخنا: لا أصل للوجوب في كلام أحمد، ولا في كلام أحد من الصحابة ﵃. واحتج الأصحاب بحديث ابن عمر وفعله، وليس بظاهر في الوجوب (٢)،

(١) قوله: «فإن لم ير مع الصحو ليلة الثلاثين» إذا كانت ليلة الثلاثين من شعبان صحوًا فإنهم لا يصومون، وإن حال دون رؤية الهلال غيمٌ أو قترٌ فإنهم يصومون، ويقول ﵀: «وجب صومه بنية رمضان، اختاره الأصحاب» أي أصحاب الإمام أحمد «وذكروه ظاهر المذهب، وأن نصوص أحمد تدل عليه» فنقول: هنا لا يتوجه أن نقول: إن مذهب الإمام أحمد إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين غيم أو قتر هو وجوب الصوم، مع أن الأصحاب ﵏ نصروا هذا القول نصرًا عظيمًا، وقالوا: نصوص أحمد تدل عليه. (٢) بدأ المؤلف ﵀ بذكر الحجج، فالأصحاب ﵏ احتجوا بحديث ابن عمر ﵄ وفعله، فحديث ابن عمر ﵁ «فإن غم عليكم فاقدروا له» [أخرجه البخاري في الصوم/باب هل يقال: رمضان، أو شهر رمضان؟ ومن رأى كله واسعا (١٩٠٠)؛ ومسلم في الصوم/باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، والفطر لرؤية الهلال، وأنه إذا غم أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما (١٠٨٠) (٨) .] قالوا: معنى «اقدروا له» أي: ضيقوا عليه، فاجعلوا شعبان تسعةً وعشرين، وقالوا: «القدر» هنا بمعنى: التضييق، كقوله - تعالى -: ﴿ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله﴾ [الطلاق: ٧] . أما فعله فابن عمر ﵁ كان إذا كانت ليلة الثلاثين من شعبان أرسل من يتحرى الهلال، فإن كانت السماء صحوًا ولم يره لم يصم، وإن كانت السماء غائمةً صام [أخرجه أحمد (٢/٥، ١٣)؛ وأبو داود في الصيام/باب الشهر يكون تسعا وعشرين (٢٣٢٠)؛ والدارقطني (٢/١٦١)؛ والبيهقي (٤/٢٠٤) .]، لكن ابن عمر فعله على سبيل الاحتياط؛ لأنه لم يَأمر به ولا أهل بيته، فحتى أهل بيته لم يأمرهم أن يصوموا، مما يدل على أنه فعله على سبيل الاحتياط، أما النص النبوي: «فاقدروا له» فلا يدل على الوجوب، بل ولا على الاستحباب. فإذا قال قائل: معناه: ضيقوا عليه. قلنا: يصح أن نقلب المسألة، ونقول: اقدروا له أي: ضيقوا رمضان، فلا تصوموا، ثم إن حديث النبي ﷺ يفسر بعضه بعضًا، وقد جاء في حديث أبي هريرة ﵁: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» [أخرجه البخاري في الصوم/باب قول النبي ﷺ: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا» (١٩٠٩) .] . وهذا يدل على أن معنى: «اقدروا له» أي: أكملوا ثلاثين؛ لأن الحديث يفسر بعضه بعضًا، وقال بعض المتأخرين: معنى «اقدروا له» أي: اعملوا بما يقتضيه الحساب، فيكون هذا من باب التقدير، فـ «اقدروا له» أي: قدروا هل هلَّ أو لم يهل؟ وهذا ليس ببعيد، وهو متمشٍ على القواعد، أنه إذا تعذر اليقين عملنا بغلبة الظن، ولا شك أن الحساب يوجب غلبة الظن.

1 / 78