The Commentary on the Treatise of the Reality of Fasting and the Book of Fasting from the Branches and Selected Issues from It
التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه
Genre-genre
(١) قوله: «ومراده ما سبق وإلا فضعيف» أي: من الموازنة، يعني: لو قلنا إنه بمجرد ما يغتاب تتسع الغيبة أجر الصيام، لكان هذا قولًا ضعيفًا، ولكن المعادلة هي الحق. (٢) وهذا من التأويل المكروه، الذي يلجأ إليه بعض الناس، إذا كان يعتقد شيئًا فيذهب ويحرف النصوص، ويلوي أعناقها، فالذين قالوا: إن هذين الرجلين الذين كانا يحتجمان إنهما قد اغتابا، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم»، كأنه يقول: أفطر اللذان يغتابان الناس؟ فنقول: سبحان الله! النبي ﷺ يعلق الحكم على شيء، ونحن نعلقه على شيء آخر، فنكون قد جنينا على النصوص من وجهين: الوجه الأول: صرفها عما يراد بها. والوجه الثاني: إثبات معنى لها، ولماذا لا نقول بدل: «إنهما يغتابان» «إنهما قد أكلا وشربا»؟ إذ لا فرق، بل تأويله إلى أنهما أكلا وشربا أقرب إلى الصواب؛ لأن الغيبة لا تفطر، وكما قال الإمام أحمد ﵀: إفطارهما بالغيبة أشد من قولنا أنهما يفطران بالحجامة. وكذلك من قال في كفر تارك الصلاة حيث قال النبي ﵊: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» [أخرجه مسلم في الإيمان/باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة (٨٢) .] قال: المراد جحد وجوبها. فيقال لهم: سبحان الله العظيم، تلغون ما علق الشارع الحكم عليه، وتأتون بشيء آخر لم يشر إليه ولا إشارة، لكن هذا كله سببه التعصب لما يراه الإنسان، سواءًا تقليدًا، أو رأيًا رآه وتعصب له، والواجب على الإنسان أن يكون مع الكتاب والسنة، فإن المؤمن إذا قال الله ورسوله أمرًا لا يكون له خيرة منه، بل يقول: سمعنا وأطعنا، وهذه آفة وقع فيها علماء أجلاء، بل أحيانا يستدلون بالحديث الواحد على حكمين مختلفين، مثل: نهي النبي ﷺ أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل» [أخرجه أبو داود في الطهارة/باب النهي عن ذلك (٨١)؛ والنسائي في الطهارة/ باب ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب (١/١٣٠) . وقال الحافظ ابن حجر في «البلوغ» (٥): (إسناده صحيح) ا. هـ.]، فأخذوا بالجزء الأول وتركوا الجزء الثاني، وقالوا: للمرأة أن تتوضأ بفضل الرجل، وليس للرجل أن يتوضأ بفضل المرأة، مع أن توضأ الرجل بفضل المرأة قد جاءت به السنة، وتوضأ المرأة بفضل الرجل لم تأت به السنة، وهذا مما يدلك على أن الإنسان كما وصفه الله ﷿: ﴿إنه كان ظلومًا جهولًا﴾ [الأحزاب: ٧٢]، تحمل الأمانة لظلمه وجهله، فالواجب علينا أن نتبع النصوص في كل شيء، ولكن لاشك أن النصوص يقيد بعضها بعضًا، ويبين بعضها بعضًا، فنرجع إلى كل نصوص الشريعة قدر المستطاع.
1 / 156