137

The Clearest Exegesis

أوضح التفاسير

Penerbit

المطبعة المصرية ومكتبتها

Nombor Edisi

السادسة

Tahun Penerbitan

رمضان ١٣٨٣ هـ - فبراير ١٩٦٤ م

Genre-genre

﴿قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ الله تعالى ويخشونه ﴿أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا﴾ بالإيمان والشجاعة والإقدام ﴿ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ﴾ أي ادخلوا على هؤلاء الجبارين باب المدينة ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ﴾ عليهم؛ وبدأتموهم بالهجوم والقتال ﴿فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ﴾ أنظر كيف يعلمنا الله ﷾ الخطط الحربية الحكيمة الموفقة: يعلمنا أن نتبع خطة الهجوم، خطة الاستبسال، خطة بيع النفس في سبيله جل شأنه وهي قاعدة معروفة متبعة؛ يعلمها كل ذي لب، ويتبعها كل ذي قلب: «اطلب الموت توهب لك الحياة» وإذا فكرت أيها المؤمن جليًا، ونظرت مليًا في هذه الخطة؛ لأنبأك التاريخ عن إصابتها وسدادها؛ فهناك سعدبن أبي وقاص، وقد قام بجيشه الصغير؛ فاكتسح به دولة الفرس اكتساحًا، وجعلها أثرًا بعد عين؛ وقد كانت في أوج عظمتها وقوتها وهناك أيضًا طارقبن زياد؛ وقد فتح الأندلس فتحًا سجله له التاريخ بمداد الفخار والإكبار ولم تكن تلكم الفتوح والانتصارات: لكثرة في العدد، أو زيادة في المدد؛ وإنما هي الخطة التي وضعها القائد الأعلى، والمرشد الأعظم، وحث عليها عباده (انظر آية ٢٥١ من سورة البقرة) ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ من هذا نعلم أن التوكل من لوازم الإيمان؛ وأن الإيمان بلا توكل: إيمان مشوب بالشك والشرك؛ إذ أن الإيمان به تعالى يستوجب حتمًا الإيمان بقدرته وقوته، والوثوق بمعونته ومن آمن ب الله تعالى ولم يؤمن بصفاته العلية السنية؛ فهو من عداد الكافرين (انظر آية ٨١ من سورة النساء)
﴿قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا﴾ فازدادوا بذلك جبنًا على جبنهم، وخورًا على خورهم، ورفضوا التوكل علىالله، وأبوا الاستماع إلى نصح الناصحين؛ الذين يخافون ربهم، وقد أنعم الله عليهم ﴿فَاذْهَبْ﴾ يا موسى ﴿أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ أضاف بنو إسرائيل إلى جبنهم وضعفهم وحقارتهم: كفرًا بربهم لا يعدله كفر، وتحديًا يستأهل ما أعده الله تعالى لهم من عذاب بئيس إذ قالوا لنبيهم الكريم؛ الذي بعثه الله تعالى إليهم ليخرجهم من الظلمات إلى النور: ﴿فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا﴾
﴿قَالَ﴾ موسى ﴿رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ﴾ من دنياي ﴿إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي﴾ ولا نصلح أن نلقى بمفردنا الجبابرة فنخرجهم من بيت المقدس ﴿فَافْرُقْ﴾ فافصل واحكم ﴿بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ الكافرين؛ الذين خرجوا عن طاعتك
﴿قَالَ﴾ الله تعالى لموسى ﴿فَإِنَّهَا﴾ أي الأرض المقدسة ﴿مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ لا يدخلونها ولا يتمتعون بخيراتها؛ بل ﴿يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ﴾ سائرين على وجوههم؛ لا يبلغون مقصدًا، ولا يحوزون مأملًا؛ عقوبة لهم على عصيانهم وجبنهم، وعدم ⦗١٣٢⦘ استماعهم لكلام ربهم ونصح نبيهم ﴿فَلاَ تَأْسَ﴾ لا تحزن ﴿عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ الكافرين العاصين

1 / 131