رأته مخالفًا للحق في اجتهادها فكانت ممن غضب لله، وكان أبو بكر ممن احتمل ذلك في ذات الله.
ووقع فيه قول عمر لعلي والعباس [١٨٦: ٨، ١٦]:
(إن شئتما دفعتها إليكما بذلك).
فقوله: «بذلك» إشارة إلى ما كان رسول ﷺ يفعل في ذلك، أي بأن ينفقا على آلهما، فإنهم آل رسول الله ﷺ ويجعلا الباقي مجعل مال الله فيعطياه الفقراء ونحوهم.
والظاهر أن العباس وعليًّا جاءا مختصمين في قسمة التصرف، وأنهما أدمجا في كلامهما معاودة طلب ميراثهما لقول عمر لهما: «فتلتمسان مني قضاء غير ذلك» فإنهما كانا يريان حقًا لهما في الميراث، ويحاولان الاستظهار على عمر في رأيه لعله أن يرجع إليهما؛ فلذلك أخبرهما بأنه لا يقضي بغير ما قضى به قبل، أي أنه ثابت على اجتهاده وذلك من شدة تمكنه من دليله.
باب ميراث الأخوات مع البنات عَصَبَةٌ
فيه قول الأسود بن يزيد [١٨٩: ٨، ١٧]:
(قضى فينا معاذ بن جبلٍ على عهد رسول الله ﷺ).
يريد قضى وهو باليمين، وزاد قوله: «على عهد رسول الله» لينبه على أنه قضى عن علم بسنة ميراث الأخوات مع البنات تلقاه عن رسول الله ﷺ.
فإن قلت: إن معاذًا لما بعثه رسول الله ﷺ إلى اليمين قال له: «بِمَ تقضي؟» قال: بكتاب الله وسنة رسوله قال: «فإن لم تجد؟»، قال: أجتهد رأيي وأقيس الشيء بالشيء، فَصَوَّبه رسول الله ﷺ، فلعله قضى في ميراث الأخوات بالاجتهاد.
قلنا: كان شأنهم أن لا يجعلوا المواريث مجالًا للاجتهاد كما علم من سيرة الخلفاء فيها، وهذا هو وجه اعتناء البخاري بتحقيق رواية الأعمش في زيادة إسناد قوله: «على عهد رسول الله ﷺ».