248

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

Penerbit

دار سحنون للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Lokasi Penerbit

دار السلام للطباعة والنشر

Genre-genre

كتاب الأيمان والنذور فيه قول أبي موسى: [١٥٩: ٨، ١٢]: (أتيت رسول الله ﷺ في رهطٍ من الأشعريِّين أستحمله فقال: «والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه ...» ثمَّ أتي بثلاث ذودٍ غرِّ الذُّرى فحملنا عليها فلمَّا انطلقنا قلنا: والله لا يبارك لنا، أتينا النَّبيَّ ﷺ نستحمله فحلف أن لا يحملنا ثمَّ حملنا فارجعوا بنا إلى النَّبيِّ ﷺ فنذكِّره، فأتيناه فقال: «ما أنا حملتكم بل الله حملكم وإنِّي لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلَّا كفَّرت عن يميني وفعلت الَّذي هو خيرٌ»). تقدم هذا الحديث في المغازي [٢١٩: ٥، ٤] ووقع في بعض رواياته: (ووافقناه في ساعة غضب). وقد يشكل قول النبي ﷺ: «وما أنا حملتكم بل الله حملكم» بأنه إن كان المراد نفي أن يكون النبي ﷺ هو الذي أعطاهم الحمولة بحسب المعتاد الظاهر لم يصح نفي أن يكون هو الحامل، وإن كان المراد نفي كونه هو المعطي في الحقيقة وباطن الأمر فإن كل فعل كذلك فلا يحنث حالف على نفي فعله؛ إذا فعله لأن الله هو الذي فعله ويسَّره. أو يقال: إنه لما كان الله هو المعطي، فكذلك يقال: إن الله هو الحالف. وأما ما أجاب به الشارحون من أن يكون قوله: «وما أنا حملتكم» قصد به دفع المنة عليهم، وأن محل التأويل هو قوله: «وإني والله لا أحلف على يمين ...» إلخ فغير متجه؛ لأن كلام الرسول وقع جوابًا عن قولهم: «حلفت أن لا تحملنا فنسيت»، وفي رواية: «ثم حملتنا» فهم إنما راجعوه في شأن بَرِّ يمينه ولم يجيئوا شاكرين فضله. فالذي يتجه عندي في دفع الإشكال أن النبي ﵊ أراد أن يبيِّن لهم أن يمينه جرت على بساط خاص، وهو مراعاة ما لديه من الإبل وقت أن سألوه الحُملان فمنعهم؛ إذ ليس لديه حمولة زائدة على حاجة الجيش، فحلف أن لا يحملهم، لييأسوا من ذلك فيستعِدُّوا لأنفسهم لرغبتهم في الجهاد بقرينة قوله: «وما عندي ما أحملكم عليه»، ولم يكن النبي مترقبًا أن تأتيه إبل، فلما جاءه ذود

1 / 252