التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد
التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد
Penerbit
دار العليان
Nombor Edisi
١٤١١هـ
Tahun Penerbitan
١٩٩٠م
Genre-genre
مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
نبذة عن حياة العلامة المحدث الشيخ عبد الله بن محمد بن أحمد الدويش
نسبه:
هو الشيخ الحافظ عبد الله بن محمد بن أحمد الدويش أحد علماء المملكة العربية السعودية وهو من أعلام منطقة نجد.
مولده ونشأته:
ولد الشيخ عبد الله في عام ١٣٧٣ هـ بمدينة الزلفي، وقد تربى في كنف والده إذ توفيت والدته وهو رضيع ثم ترعرع ونشأ نشأة مباركة عرف من خلالها بالصفات الحميدة والأخلاق الطيبة من العفاف والطهارة وحسن الخلق. وقد كان ﵀ ملازما لخدمة والده منذ الصغر إذ أثرت فيه هذه الملازمة مما جعله في نفس والده محبوبا إليه يعز عليه مفارقته. وقد كان ﵀ آية في سرعة الحفظ والفهم مع الذكاء المتوقد، وقد كانت هذه الصفات الموجودة فيه مما دفعته إلى طلب المزيد من العلم والمعرفة وطلب العلم من مظانه.
1 / 9
بدايته لطلب العلم:
بدأ الشيخ بطلب العلم صغيرا حيث اتجهت أنظاره لطلبه بالجد والاجتهاد وعدم الإخلاد للكسل فأحب الرحلة لذلك، فقدم الشيخ مدينة بريدة عام ١٣٩١ وبدأ الدراسة فيها وجد واجتهد في سبيل تحصيل العلم على أيدي العلماء العاملين فنزل في المسجد في إحدى غرفه وذلك في مسجد الشيخ محمد بن صالح المطوع ﵀ – فكان في كل طلبه للعلم على مشايخه بارزا ونابغا، فأدرك العلم في وقت قصير. وكان سعيه دائما في تحصيل العلم وإدراكه واقتناء المؤلفات النادرة في جميع مصادر العلوم الشرعية كالفقه والحديث ومصطلحه ورجاله والتفسير وأصوله وغير ذلك. وكان - رحمه الله تعالى - مكبا على كتب السلف الصالح - رحمهم الله تعالى - ككتب العقيدة والفقه والحديث ولذلك تجده ﵀ – شديد التأثر بهم وبأحوالهم وذلك ظاهر في سلوكه وطريقته في حفظ الوقت ومعاملة الطلاب وغيرهم، وكان أشد تأثرا بشيخي الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وتلاميذهم من أئمة هذه الدعوة فكان في العقيدة يأخذ بأقوالهم وكذلك في المسائل الفقهية.
ولقد كان - رحمه الله تعالى- واسع الأفق شديد الفهم والحفظ لما يقرأ ويلقى عليه، وشاهد ذلك بروزه في وقت قصير. وكذلك كان أقرانه الكبار منهم والصغار يسألونه في ما أشكل عليهم من المسائل. فكان قدوة صالحة لزملائه في بذل النفس وكفها عن شهواتها في سبيل تحصيل العلم والعمل به، فاشتغل به وحصل.
1 / 10
حفظه:
كما مر بنا أنه كان سريع الحفظ والفهم فإنه يحفظ الأمهات الست وغيرها من كتب الحديث والمتون ولذلك كان يحرض طلابه على أخذ العلم من المتون ثم يشرع الطالب بدراسة غيرها كما قيل: "من حفظ المتون حاز الفنون". وكان عنده من كل فن علم لأنه كان مكبا على دراسة هذه الفنون فكان عالما بالعقيدة والتوحيد والفقه والتفسير والنحو، وإليه المرجع في تعلم الحديث.
شواهد على الحفظ:
اجتمع الشيخ عبد الله بالشيخ الألباني في المدينة المنورة وذلك عام ٩٧ هـ تقريبا وحصل بينهما نقاش علمي فلما انتهى قال الشيخ الألباني: "أنت أحفظنا ونحن أجرأ منك" أو كما قال – وفقه الله -.
الشاهد الثاني: عندما كان في مكة المكرمة وذلك عام ١٤٠٦ هـ في رمضان جلست معه واجترأت على سؤاله، وقلت له: يقولون إنك تحفظ الأمهات الست. وأجاب بتواضع وكأنه لا يود أن يشتهر عنه في حياته – كما هي عادة السلف – فقال: نعم، ولكن صحيح مسلم يحتاج إلى تربيط.
الشاهد الثالث: كان بعض الطلاب يقرأ عليه في صحيح البخاري في السفر فقال له: ائت بالحديث وأقرأ عليك الإسناد. ومعلوم كثرة اختلاف الأسانيد للحديث الواحد.
مشايخه:
١- الشيخ صالح بن أحمد الخريص - وفقه الله تعالى -.
٢- الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد – رحمه الله تعالى -.
1 / 11
٣- الشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي - رحمه الله تعالى -.
٤- الشيخ محمد بن صالح المطوع - رحمه الله تعالى -.
٥- الشيخ صال بن إبراهيم البلهي - رحمه الله تعالى -.
٦- الشيخ محمد بن سليمان العليط - وفقه الله تعالى -.
٧- الشيخ محمد بن صالح المنصور - وفقه الله تعالى -.
٨- الشيخ عبد الله بن عبد العزيز التويجري - وفقه الله تعالى -.
طريقة تدريسه:
تتميز طريقة الشيخ عبد الله بأنها على الطريقة التي أخذ بها الآباء والأجداد العلم عن مشايخهم فكان الطالب يقرأ عليه المتن فيقوم بإيضاح غوامضه وتحليل ألفاظه والاستدلال على ذلك من الكتاب أو سنة نبيه ﷺ أو من كلام أهل العلم - رحمهم الله تعالى – وكل ذلك مع الأدب والخشية. أما إذا كان الطالب لا يقرأ في متن كأن يقرأ في كتب الشروح فهو يكتفي بكشف ما يلتبس أو يخفى على الطالب من الألفاظ.
ومع هذا كله كان كثيرا ما ينصح الطلاب بتقوى الله ويحثهم على الاستقامة ممتثلا بقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ .
أوقات التدريس:
كان الشيخ – رحمه الله تعالى – محتسبا على نشر العلم وتعليمه، فكانت له عدة جلسات يومية فكان يجلس في المسجد المجاور لبيته من بعد صلاة الصبح حتى طلوع الشمس بوقت طويل ثم يخرج إلى بيته وقتا قصيرا يأكل مما يتيسر إن لم يكن صائما ثم يخرج إلى المدرسة العلمية
1 / 12
فيجلس للتدريس في مكتبة المدرسة حتى يحين وقت تدريسه في الفصول الدراسية وهذا إذا لم يكن يوم الخميس، فإذا كان يوم الخميس فإنه يجلس في بيته مستقبلا طلاب العلم من باحثين ومسترشدين وغير ذلك مستفيدين منه، وعرض ما يخفى عليهم من الأحاديث ثم إذا خرجوا منه جلس في بيته مطالعا وباحثا في مكتبته، ومع ذلك فإنه كان سريع الكتابة ثم ينام إلى قبل أذان الظهر بساعة ثم يخرج إلى المسجد قبل الأذان ويصلي الظهر ويجلس للتدريس حتى أذان العصر، ومع كثرة الطلاب يبقى ويصلي العصر فيه ثم يجلس من قبل أذان العشاء الآخر بنصف ساعة ويبقى حوالي مقدار ساعة ونصف ثم بعد ذلك انتهى عمله اليومي. وقد كان قبل وفاته بشيء قليل زاد وقت التدريس وذلك من قبل صلاة المغرب حتى تقام صلاة العشاء ومع هذا الجهد المتطاول فإنه لم يمنعه من التأليف والعبادة وأوراده اليومية من صلاة وصيام.
صفاته:
كان – ﵀ – هينا لينا في غير ضعف، مهابا سمحا كريما حليما محبوبا، متقربا للطالبين والفقراء والمساكين، صبورا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يُخاف ولا يخاف في الله فعل فاعل أو كلام قائل. فيه نخوة وشهامة وهيبة منها العجب، ومع هذا كله كان بالمعروف معروفا وبالإحسان مذكورا، كثير العبادة مشهورا بكثرة الصلاة والصيام، باذلا جهده بالقيام، معرضا عن القيل والقال، سالكا أهدى سبيل، دائم الصمت إلا فيما ينفع، قليل الكلام حسن السمت دائم البشر مبتسما.
1 / 13
زهده:
كان – رحمه الله تعالى – طيلة حياته لم يزاول التجارة بنفسه بل يوكل من يبيع له ويشتري مع بذل أجره لمن يقوم بأعماله إلا إذا كان من أقاربه وأحبابه، وكان لا يبذل في تحصيلها ولا إدراكها بل يأخذ منها ما يحتاج إليه ولا تذكر في مجالسه وهو لا يذكرها ولا تدور في فكره وكان مع هذا عفيفا نزها، صالحا ناسكا خاشعا، حسن الأخلاق شديد الخشية والإشفاق، عظيم التواضع والإحسان، لا يسلك في مطعمه وملبسه ومركبه سبيل أبناء زمانه واستمر على ذلك إلى أن لحق بالسابقين من العلماء الأعلام.
تلاميذه:
تعرف أن الشيخ – رحمه الله تعالى – جلس للتدريس من عام ١٣٩٥ هـ أي حينما كان عمره ثلاثة وعشرون عاما فكان مدة جلوسه حوالي أربعة عشر عاما فبهذه المدة التف حوله طلاب كثيرون من طلبة العلم وجلس عليه من الكبار والصغار العدد الغير قليل فكان يجلس عليه للقراءة في اليوم والليلة أكثر من مائة وعشرين طالبا سوى المستمعين والمسترشدين فلقد مر بنا أنه كان يجلس في اليوم والليلة أكثر من ثلاث جلسات وكلهم ولله الحمد فيهم بركة ويؤمل أن يحملوا راية العلم والعمل من البلاد التي قدموا منها.
1 / 14
مؤلفاته:
١- التوضيح المفيد لشرح مسائل كتاب التوحيد.
٢- الزوائد على مسائل الجاهلية.
٣- الألفاظ الموضحات لأخطاء دلائل الخيرات.
٤- دفاع أهل السنة والإيمان عن حديث خلق آدم على صورة الرحمن.
٥- المورد الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال.
٦- التنبيهات النقيات على ما جاء في أمانة مؤتمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
٧- تنبيه القاري على تقوية ما ضعفه الألباني.
٨- الكلمات المفيدة على تاريخ المدينة.
٩- إرسال الريح القاصف على من أجاز فوائد المصارف.
١٠- مختصر بدائع الفوائد.
١١- التعليق على فتح الباري.
مراثيه:
قد رثي – رحمه الله تعالى – في عدة مراثي تعكس صورة الشاعر في عظيم مصابه به، ومن ذلك مرثية عبد الرحمن الدوسري – وفقه الله -.
أبناؤه:
خلف الشيخ – رحمه الله تعالى – ثلاثة أبناء جعل الله فيهم البركة وجعلهم خير خلف لخير سلف، أكبرهم محمد ثم عبد الرحمن وأما أحمد فقد ولد بعد وفاة الشيخ بشهر تقريبا.
1 / 15
وفاته:
توفي الشيخ ﵀ – في مساء يوم السبت الموافق ٢٨/١٠/١٤٠٩ هـ وقد كان وقع المصاب به فادحا على مشايخه وعلى أهله وذويه وأصدقائه وتلاميذه. وقد كان سبب وفاته على أثر مرض لزمه حوالي خمسة عشر يوما، وقد كان عمره حين وفاته ما يقارب أربعة وثلاثين عاما قضاها في العلم والتعليم وعبادة ربه. وقد خلف الشيخ مكتبة علمية عامرة بالكتب النفيسة. فرحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بقلم/ عبد العزيز بن أحمد المشيقح
1 / 16
مقدمة المصحح
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد، فإن كتاب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – "كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد" كتاب نفيس يحمل في طياته الدرر والجواهر ولا يستنقذ منه الطالب ما فيه من الفوائد إلا بمساعد. وقد قيض الله له من يستخرج هذه الفوائد، فشرح عدة شروح كبار ومن أنفسها شرحه "تيسير العزيز الحميد" الذي ألفه حفيده الشيخ سليمان بن عبد الله – رحمهما الله تعالى – فكان هذا الشرح من غرائب الزمان الذي أفلت شمسه فصار هذا الكتاب مرجعا هاما لرواد هذا العلم ومنبرا عظيما لمؤمنين وشاهدا كبير على الكافرين، ثم أتى من بعده علامة زمانه ووحيد دهره المجدد الثاني لهذه الدعوة الشيخ عبد الرحمن بن حسن – رحمهما الله تعالى – في كتابه "فتح المجيد" فإنه سفر عظيم انتفع به الجم الغفير ومن شرح الله صدره للنور الواضح المبين ثم درج العلماء من بعدهم ما بيم مختصر وموضح ما خفي على الطالب من الأبواب فجزى الله الجميع خير الجزاء على ما بذلوه في خدمة دينهم ونصرة شريعته. وقد أتى من بعد هؤلاء من تلذذ بمحاكاتهم ودرس مناهجهم وسلك
1 / 21
طريقتهم وشرب مشاربهم، ذلكم الشيخ العلامة "عبد الله بن أحمد الدويش" – رحمه الله تعالى – في كتابه "التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد" فإنه قد ألقى الأنوار على هذا السفر بطريقة جديدة وأسلوب سهل جديد مع الاختصار المفيد حيث اقتصر – ﵀ – على الاكتفاء بشرح المسائل ولم يسبقه لها سابق لأن جميع من شرح هذا الكتاب لم يتعرض لشرحها، وقد وعد بذلك الشيخ سليمان بن حمدان – رحمه الله تعالى – بشرحها في كتابه الدر النضيد ص "٥" فلم نره بعد فتناولها الشيخ عبد الله – ﵀ – بالشرح لأنها كثيرا ما تخفى على الطالب فجزاه الله خير الجزاء على ما بذل في خدمة هذا الكتاب وجعله في موازين حسناته وغفر الله لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين وصلى الله على نبينا محمد.
تنبيه/ المؤلف – رحمه الله تعالى – لم يذكر المتن، وقد رأيت إتماما للفائدة وضع المتن بأعلى الصفحة ثم يليه شرح المسائل، وقد اعتمدت على طباعة المتن على طبعة مجموعة مؤلفات الشيخ محمد – رحمه الله تعالى -.
1 / 22
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جل عن الأنداد وتنزه عن الصاحبة والأولاد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القاهر فوق العباد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه الهادي إلى سبيل الرشاد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإن كتاب التوحيد الذي ألفه الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب قد جاء بديعا في معناه من بيان التوحيد وما ينافيه من الشرك والتنديد وقد شرحه بعض أحفاده وغيرهم ﵏ ووضعوا عليه حواشي إلا أنهم لم يتعرضوا لشرح مسائله إلا نادرا ثم جاء بعدهم الشيخ سليمان بن حمدان ﵀ فتعرض لها في كتابه الدر النضيد فجعل كل مسألة في الموضع اللائق بها من الآيات والأحاديث فحصل بذلك فوائد كثيرة إلا أنه لم يشرح المسائل فرأيت من تمام الفائدة أن أشرح كل مسألة بكلام موجز مفيد لعل الله أن يحشرنا في زمرة الداعين إليه على بصيرة إنه جواد كريم وسميته التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد وإذا قلت ذكره في الشرح فمرادي بذلك شرح كتاب التوحيد فتح المجيد وأسأل الله الوهاب أن يجعله خالصا لوجهه الكريم موجبا للزلفى لديه في جنات النعيم وصلى الله محمد النبي الصادق الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
1 / 23
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم.
كتاب التوحيد
الذي هو حق الله على العبيد
وقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ "١" وقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ "٢" الآية. وقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ "٣" الآية. وقوله: ﴿وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ "٤" الآية. وقوله: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلا تَقْرَبُوا
1 / 25
مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ "٥" الآيات.
قال ابن مسعود ﵁: من أراد أن ينظر إلى وصية محمد ﷺ التي عليها خاتمة فليقرأ قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ – إلى قوله – ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا..﴾ "٦" الآية.
وعن معاذ بن جبل ﵁ قال: كنت رديف النبي ﷺ على حمار فقال لي: "يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ " فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا" فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: "لا تبشرهم فيتكلوا" أخرجاه في الصحيحين.
فيه مسائل:
الأولى: الحكمة في خلق الجن والإنس.
1 / 26
الثانية: أن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة فيه.
الثالثة: أن من لم يأت به لم يعبد الله، ففيه معنى قول: ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾
الرابعة: الحكمة في إرسال الرسل.
الخامسة: أن الرسالة عمَّت كل أمة.
السادسة: أن دين الأنبياء واحد.
السابعة: المسألة الكبيرة أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت؛ ففيه معنى قوله: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ "٨" الآية.
الثامنة: أن الطاغوت عام في كل ما عُبِد من دون الله.
التاسعة: عظم شأن ثلاث الآيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف. وفيها عشر مسائل، أولها النهي عن الشرك.
العاشرة: الآيات المحكمات في سورة الإسراء، وفيها ثماني عشرة مسألة، بدأها الله بقوله: ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ وختمها بقوله: ﴿وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا﴾ ونبهنا الله سبحانه على عظم شأن هذه المسائل بقوله: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾
الحادية عشرة: آية سورة النساء التي تسمى آية الحقوق العشرة، بدأها الله تعالى بقوله: ﴿وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا﴾ الثانية عشرة: التنبيه على وصية رسول الله ﷺ عند موته.
الثالثة عشرة: معرفة حق الله تعالى علينا.
1 / 27
الرابعة عشرة: معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه.
الخامسة عشرة: أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة.
السادسة عشرة: جواز كتمان العلم للمصلحة.
السابعة عشرة: استحباب بشارة المسلم بما يسره.
الثامنة عشرة: الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله.
التاسعة عشرة: قول المسؤول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم.
العشرون: جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض.
الحادية والعشرون: تواضعه ﷺ لركوب الحمار مع الإرداف عليه.
الثانية والعشرون: جواز الإرداف على الدابة.
الثالثة والعشرون: فضيلة معاذ بن جبل.
الرابعة والعشرون: عظم شأن هذه المسألة.
فيه مسائل:
الأولى "الحكمة في خلق الجن والإنس" أي أن الله خلقهم لعبادته.
الثانية "أن العبادة هي التوحيد لأن الخصومة فيه" أي أن العبادة التي خلقوا لها هي توحيد الألوهية لأن كل رسول يقول لقومه اعبدوا الله ما لكم من إله غيره فيردون عليه وأما توحيد الربوبية فغالب الأمم مقرة به.
الثالثة "أن من لم يأت به لم يعبد الله. ففيه معنى قوله: ﴿وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ " أي أن من لم يفرد الله بالعبادة لم يعبده حقيقة وإن عبده في بعض الأحيان
1 / 28
لكنه لما لم يثبت على ذلك نفى الله عنه لأنه لا يوصف بعبادة الله وحده ولا أنه عابد له حقيقة إلا من استمر على عبادته وحده وتبتل إليه تبتيلا كما أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم في بدائع الفوائد لما تكلم على أسرار سورة قل يا أيها الكافرون.
الرابعة "الحكمة في إرسال الرسل" أي ليأمروا أممهم بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت.
الخامسة "أن الرسالة عمت كل أمة" أي لما أخبر الله أنه بعث في كل أمة رسولا أفاد ذلك أن الرسالة عمت جميع الأمم وقامت الحجة على الخلق كما قال تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ .
السادسة "أن دين الأنبياء واحد" أي لما أخبر الله أن كل رسول يقول لقومه ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ أفاد ذلك أن دينهم واحد أما الشرائع فمختلفة كما قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ .
السابعة "المسألة الكبيرة: أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت، ففيه معنى قوله: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ " أي لما أخبر الله أنه أرسل الرسل يدعون أممهم قائلين: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ دل
ذلك على أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت فمن لم يكفر بالطاغوت فليس عابدا لله حقيقة ولذلك جعله شرطا للاستمساك بالعروة الوثقى.
الثامنة "أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله" أي لما أمر الله بإفراده بالعبادة وحده واجتناب الطاغوت أفاد هذا أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله بمعنى أن العبادة لا تصلح له لا بمعنى الذم لكل من عبد من دون الله فإن منهم من لم يرض بذلك وأما الذم فمتوجه إلى من رضي، ومن لم يرض فالذم في حقه متوجه إلى الشيطان لكونه الآمر بذلك الداعي كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ الآية.
1 / 29
التاسعة "عظم شأن ثلاث الآيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف وفيها عشر مسائل. أولها: النهي عن الشرك" أي لقول عبد الله بن مسعود: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد ﷺ التي عليها خاتمه فليقرأ: قُلْ تَعَالَوْا.. إلخ. وقوله "فيها عشر مسائل" وهذا بيانها. الأولى: النهي عن الشرك، الثانية: الوصية بالوالدين، الثالثة: النهي عن قتل الأولاد، الرابعة: النهي عن قربان الفواحش، الخامسة: النهي عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، السادسة: النهي عن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، السابعة: الوفاء بالكيل والميزان، الثامنة: الأمر بالعدل، التاسعة: الوفاء بالعهد، العاشرة: الأمر باتباع الصراط المستقيم وترك اتباع ما سواه من السبل وهذه مسألة واحدة خلافا لمن جعلها مسألتين واستدرك على الشيخ رحمه الله تعالى.
العاشرة "الآيات المحكمات في سورة الإسراء، وفيها ثماني عشرة مسألة، بدأها الله بقوله: ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾ وختمها بقوله: ﴿وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا﴾ ونبهنا الله سبحانه على عظم شأن هذه المسائل بقوله: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾) . "قلت": وهذا سرد المسائل: الأولى: النهي عن جعل مع الله إلها آخر وهو الشرك الأكبر، الثانية: الأمر بعبادة الله وحده، الثالثة: الأمر بالإحسان إلى الوالدين، الرابعة: إيتاء ذي القربى حقه، الخامسة: إيتاء المسكين حقه، السادسة: إيتاء ابن السبيل حقه، السابعة: النهي عن التبذير، الثامنة: النهي عن الإمساك بدون إسراف، التاسعة: النهي عن قتل الأولاد، العاشرة: النهي عن الزنا، الحادية عشرة: النهي عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، الثانية عشرة: النهي عن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، الثالثة عشرة: الوفاء بالعهد، الرابعة عشرة: الوفاء بالكيل، الخامسة عشرة: الوفاء بالوزن، السادسة عشرة: النهي عن القول بغير علم، السابعة عشرة: النهي عن المشي في الأرض مرحا، الثامنة عشرة: النهي عن الشرك. ويحتمل أن يعد النهي عن الإسراف مسألة ويحذف الأمر بالوفاء بالوزن لدخوله في التي قبله.
الحادية عشرة "آية سورة النساء التي تسمى آية الحقوق العشرة،
1 / 30
بدأها الله تعالى بقوله: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ الآية) . أي فيها عشرة حقوق: الأول: الأمر بعبادة الله، الثاني: الإحسان إلى الوالدين، الثالث: الإحسان إلى ذي القربى، الرابع: الإحسان إلى اليتامى، الخامس: الإحسان إلى المساكين، السادس: الإحسان إلى الجار ذي القربى، السابع: الإحسان إلى الجار الجنب، الثامن: الإحسان إلى الصاحب بالجنب، التاسع: الإحسان إلى ابن السبيل، العاشر: الإحسان إلى ملك اليمين.
الثانية عشرة "التنبيه على وصية النبي ﷺ عند موته" أي لقول ابن مسعود: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد ﷺ التي عليها خاتمه".
الثالثة عشرة "معرفة حق الله علينا" أي أن نعبده ولا نشرك به شيئا وهذا حق واجب.
الرابعة عشرة "معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه" أي أن لا يعذبهم وهذا حق إنعام وتفضل وليس واجبا بالقياس على المخلوق كما تدعيه المعتزلة.
الخامسة عشرة "أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة" أي مادام أنها خفيت على معاذ مع علمه وقال: "أفلا أبشر الناس" فنهاه وأمره أن يكتمها عنهم مخافة الاتكال على سعة رحمة الله أفاد ذلك أنهم لا يعرفونها.
السادسة عشرة "جواز كتمان العلم للمصلحة" أي لقوله: "لا تخبرهم" والمصلحة أنهم يعملون ولا يتكلون بخلاف ما إذا سمعوا بمثل هذا فربما تركوا العمل فتفوت هذه المصلحة.
السابعة عشرة "استحباب بشارة المسلم بما يسره" أي لقوله: "ألا أبشر الناس".
الثامنة عشرة "الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله" أي لقوله: " لا تخبرهم فيتكلوا" أي يعتمدوا على هذا الفضل فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة فيفوتهم خير كثير.
1 / 31
التاسعة عشرة "قول المسؤول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم" أي أنه لما سأل معاذا وهو لا يعلم قال ذلك وهذا في حياة النبي ﷺ وأما بعد موته ﷺ فإن المسؤول إذا سئل عما لا يعلم فإنه يقول: "الله أعلم" كما نبه على ذلك الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين.
العشرون "جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض" أي حيث أخبر بذلك معاذا ونهاه أن يخبر الناس.
الحادية والعشرون "تواضعه ﷺ لركوب الحمار مع الإرداف عليه" أي لما فعل ذلك دل على تواضعه لأن المتكبرين لا يفعلون ذلك.
الثانية والعشرون "جواز الإرداف على الدابة" أي حيث أردف معه معاذا وهذا إذا كانت مطيقة.
الثالثة والعشرون "فضيلة معاذ بن جبل" أي بحيث كان من النبي ﷺ بهذه المنزلة فأردفه معه وخصه بهذا العلم.
الرابعة والعشرون "عظم شأن هذه المسألة" أي معرفة حق الله على العباد وحق العباد عليه إذا أدوا حقه.
1 / 32
باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
...
فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
وقول الله تعالى:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ "١٣" الآية.
عن عبادة بن الصامت ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل". أخرجاه. ولهما في حديث عتبان: "فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله".
وعن أبي سعيد الخدري ﵁ عن رسول الله ﷺ قال: "قال موسى: يا رب، علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به. قال: يا موسى: قل لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة، ولا إله الله في كفة، مالت بهن لا إله الله" [رواه ابن حبان، والحاكم وصححه] .
وللترمذي وحسنه عن أنس ﵁: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم؛ لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة".
1 / 33