الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية

Said Hawwa d. 1409 AH
98

الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية

الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية

Penerbit

دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة

Nombor Edisi

الطبعة الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Genre-genre

ومعظم الشعوب تشعر بالحاجة الشديدة إلى المثل العليا في ذلك لتخفف عن الإنسانية آلامها وتأسو جراحها، وهي متلهفة على مثال لذلك من الأعمال، لا على مثال عليه من الأقوال. ولست بمبالغ إذا قلت: إن التاريخ أصدق شاهد على أنه ليس في الدنيا أحد يصح أن يكون للإنسانية أسوة من سيرته وحياته غير سيرة محمد ﷺ وحياته. وليكن على ذكر منكم ما تحدثت به إليكم من قبل، وهو أن حياة العظيم التي يجدر بالناس أن يتخذوا منها قدوة لهم في الحياة ينبغي أن تتوافر فيها أربع خصال: ١ - أن تكون (تاريخية) أي أن التاريخ الصحيح المحض يصدقها ويشهد لها. ٢ - أن تكون (جامعة) أي محيطة بأطوار الحياة ومناحيها وجميع شئونها. ٣ - أن تكون (كاملة) أي أن تكون متسلسلة لا تنقص شيئًا من حلقات الحياة. ٤ - أن تكون (عملية) أي أن تكون الدعوة إلى المبادئ والفضائل والواجبات بعمل الداعي وأخلاقه، وأن يكون كل ما دعا إليه بلسانه قد حققه بسيرته وعمل به في حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية، فأصبحت أعماله مثلًا عليا للناس يتأسون بها. وأنا لا أقول إن الأنبياء صفرت صحائف حياتهم من هذه الميزة مدة وجودهم في الحياة الدنيا، بل أقول إن سيرتهم التي توجد الآن بين أيدي الناس لا تنص على هذه الأمور، ويخيل إليَّ أن الحكمة الإلهية في ذلك ترجع إلى أن أولئك الأنبياء إنما بعثِ الواحد منهم لزمن قصير نسبيًا فكان الموفقون للخير من شعوبهم يعرفون سيرتهم فيتأسون بها، ولم يكن هنالك حاجة إلى أن تبقى سيرتهم معلومة للأجيال التالية بعدهم؛ لأن النبؤات ستختم برسالة محمد ﷺ الكاملة إلى الناس كافة في كل زمان ومكان، فمست الحاجة إلى أن تكون سيرته ﷺ معلومة عل حقيقتها في كل زمان ومكان إلى يوم القيامة، ليتيسر التأسي بها لجميع أمم الأرض. وهذا من أصدق البراهين على كون محمد ﷺ خاتم النبيين ولا نبي بعده: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (١).

(١) الأحزاب: ٤٠.

1 / 105