الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية
الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية
Penerbit
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
Edisi
الطبعة الثالثة
Tahun Penerbitan
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
Genre-genre
فصل: في تكسير بعض الأصنام
١٤٥ - * روى أحمد عن علي بن أبي طالب قال: انطلقت أنا والنبي ﷺ حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول الله ﷺ: "اجلس" وصعد على منكبين فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفًا فنزل، وجلس لي نبي الله ﷺ وقال: "اصعد على منكبي" قال: فصعدتُ على منكبيه، قال: فنهض بي، فإنه يخيلُ إلي أني لو شئت لنلتُ أفق السماء، حتى صعدتُ على البيت وعليه تمثال أصفر أو نحاس، فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استمكنتُ منه قال لي رسول الله ﷺ: "اقذف به" فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير، ثم نزلتُ. فانطلقت أنا ورسول الله ﷺ نستبق، حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس. وفي روايةٍ: كان على الكعبة أصنام، فذهبت أحمل النبي ﷺ فلم أستطع، فحملني فجعلتُ أقطعها، ولو شئت لنلتُ السماء.
هذه الحادثة الثابتة الوقوع يرويها الحاكم على أنه حدثت ليلة لهجرة، وقد وصف الذهبي رواية الحاكم بأن إسنادها نظيف ومتنها منكر، والظاهر أن نكارة متنها سببه أن هذه الرواية ذكرت أن الحادثة تمت ليلة الهجرة، وإلا فالرواية صحيحة كما رأينا، ولذلك اعتمدنا الرواية التي لم تذكر الهجرة، ورجحنا أن الحادثة تمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة دون تحديد زمن فعقدان لها هذا الفصل.
وبعد أن ذكر الله ﷿ عددًا من رسله في سورة الأنعام قال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ وممن ذكر هناك وممن أمر ﵊ بالاقتداء به إبراهيم ﵊، ولقد كسر إبراهيم ﵊ الأصنام، وهذا رسول الله ﷺ يفعل ذلك اقتداء به، وهذا يفتح أمامنا آفاقًا في التطبيق، ومن ثم فإننا نلفت النظر إلى ضرورة التأمل في قصص الأنبياء في القرآن، وأن يحاول المسلم الاقتداء فيما
١٤٥ - أحمد في مسنده (١/ ٨٤)، والبزار: كشف الأستار، (٣/ ١٣٨)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٣٣) وقال: رواه أحمد وابنه وأبو يعلي والبزار ورجال الجميع ثقات.
لنلت: (نلته) والنيل والنائل ما نلته وما أصابه منه نيلًا ولا نيلة ولا نولة. الصفر: النحاس مخلوط بغيره.
أزاوله: (زاوله) مزاولة وزوالًا: عالجه وحوله وطلبه، القوارير: الزجاج. نستبق: (استبقا): تسابقا.
1 / 289