الجامع الصحيح للسيرة النبوية
الجامع الصحيح للسيرة النبوية
Penerbit
مكتبة ابن كثير
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Lokasi Penerbit
الكويت
Genre-genre
من حياة أحد يصح أن يكون منها للناس أسوة تتّبع (١)، ومثال يُقتدى به إلا إذا كانت متّصفة بالكمال، ولا تكون حياة أحد كاملة ومنزّهة عن العيوب والمثالب إلا إذا كانت معلومة للناس بجميع أطوارها، ومتجلّية لهم دخائلها من كل مناحيها، وواضحة كل الوضوح في جميع مراحلها، وحياة الرسول ﷺ من ميلاده إلى ساعة وفاته معلومة للذين عاصروه وشهدوا عهده، وقد حفظها التاريخ عنهم لمن بعدهم!
وقد سجل التاريخ أن جميع شؤونه وأطوار حياته، من ولادته ورضاعته وطفولته، إلى أن صار يافعًا وشابًّا .. كل ذلك ظاهر أمره، معلومة تفاصيله، وقد علم الناس سجاياه في صدقه وفي وفائه للناس قبل النبوة -كما عرفنا- واتصلوا به حين اتخذوه أمينًا، وأقاموه حكمًا فيما اختلفوا فيه من نصب الحجر الأسود في موضعه في الكعبة، ثم وقفوا على أمره حين حُبّب إليه الخلاء في (غار حراء)، ثم علموا حاله حين نزل عليه الوحي، وحين بدأ أمر الإسلام يظهر للوجود، فأخذ يدعو الناس، ويبلّغ ما أنزل عليه -كما سيأتي- وقد رأى التاريخ كيف خالفوه وعاندوه!
وهل غاب عن التاريخ ما لقي الرسول ﷺ في نشر الإسلام من جهد وعناء، وما قابله به أهل الطائف، حين سار إليهم يدعوهم إلى عبادة الرحمن؟!
وهل نسي التاريخ كيف أخبر أهل مكة، وهم أقليّة من المسلمين، وأكثريّة ساحقة من المشركين بخبر العروج إلى السماء؟!
ثم هل خفي عن التاريخ أمر هجرته ﷺ، ومن هاجر، والغزوات التي
(١) الرسالة المحمدية: ١٠٢ وما بعدها بتصرف.
1 / 93