The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
Genre-genre
وقال بإثْبَات مَعاني الصِّفَات، حيث يَقُول: وثَبَت بِنَصّ هذه الآيَة (^١) القُوَّة لله بِخِلاف قَوْل الْمُعْتَزِلة في نَفْيِهم مَعَانِي الصِّفَات القَدِيمة (^٢)، تَعَالى الله عن قَوْلِهم (^٣).
فليس يَصِحّ أن يُقَال عنه: "لَم يُثْبِت لله سِوَى الصِّفَات السَّبْع" (^٤).
كَمَا أنَّ القَوْل بأنَّ القرطبي في "الأسْمَاء والصِّفَات … قد ذَهَب إلى مَا ذَهَب إليه الأشاعرة في هذا البَاب، فَجَمِيع الصِّفَات الوَارِدَة في تَفْسِيرِه أوَّلَها، ونَقَل أقْوَال الْمُؤوِّلَة فيها، إلَّا الاسْتِوَاء" (^٥) ليس قَوْلًا فاحِصًا، ولا مُنْصِفًا.
وقد تأوَّل القرطبي بَعض صِفَات الله ﷿، تأثُّرًا بِمَدْرَسَة الأشاعِرَة، وليس أشْعَرِيًّا، وقد تأثَّر القرطبي كَثيرًا بِابن عطِيَّة، إلَّا أنه لَم يَكُنْ مُقَلِّدًا له.
"والقرطبي كان مُتَأوِّلًا، وإن خَالَف ابن عطية في بعض الْمَعَانِي الْمُؤوَّل إليها" (^٦).
ومِمَّا تأوَّله القرطبي مِنْ صِفَات البَارِي ﷿:
صِفَة الوَجْه، تَأوَّلَها بالوُجُود، إذ يَقُول: "فَالوَجْه عِبَارَة عن وُجُودِه وذَاتِه سُبْحَانه" (^٧)، بينما أثْبَت صِفَة الوَجْه لله ﵎ في مَوَاضِع أُخْرَى (^٨).
وسيأتي مَزِيد بَيَان في الفَصْل الثَّالِث.
وصِفَة الْمَجيء، إذ يَقول في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) [البقرة: ٢٩]: والقَاعِدَة في هَذه الآيَة ونَحْوها مَنْع الْحَرَكَة والنُّقْلَة (^٩).
_________
(^١) يعني قوله تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) [البقرة: ١٦٥].
(^٢) انظر: العلو للعَلِي العظيم، مرجع سابق (ص ٢٤٣).
(^٣) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٢/ ٢٠١).
(^٤) هذا ما قاله أحمد المزيد. انظر: منهج الإمام القرطبي في أصول الدِّين، رسالة ماجستير (ص ١١٥).
(^٥) من قول المغرَّاوي في "الْمُفسِّرُون بين التأويل والإثْبَات في الصِّفَات" (١/ ٢٨٩).
(^٦) المدرسة الأندلسيَّة في التفسير، مرجع سابق (٢/ ٦٤٣).
(^٧) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٧/ ١٤٣).
(^٨) انظر: المرجع السابق (١٧/ ٢٢)، (١٧/ ١٦٧).
(^٩) المرجع السابق (١/ ٢٩٦).
1 / 25