الاستدلالُ للمذهبِ، والردُّ على أدلةِ المذاهبِ الأخرى (^١).
وهناك كلامٌ للشيخِ عبد القادر بنِ بدران يمكنُ الإفادةُ منه في تعريفِ الانتصارِ للمذهبِ، يقولُ: "وقد سمَّى أبو الخطابِ كتابَه بـ (الانتصار في المسائل الكبار)، وكلاهما - أيْ: كتاب أبي الخطاب، وكتاب المفردات للقاضي أبي يعلى - يذكرانِ أفرادَ المسائلِ الكبارِ مِن الخلافِ بين الأئمةِ، وينتصرانِ لمذهبِ الإمامِ أحمدَ، مع ذكر ما استدلَّ به أصحابُ كلِّ إمامٍ؛ لنصرةِ إمامِه وهدمِه" (^٢).
فيمكنُ تعريف الانتصارِ بناءً على ما قاله ابنُ بدران بأنَّه: الاستدلالُ لقولِ إمامِ المذهبِ في المسائلِ الخلافية، وذكرُ أقوالِ المخالفين، وأدلتِهم، والإجابةُ عنها.
وقد عرَّفَ الدكتورُ محمد أبو الأجفان الانتصارَ للمذهبِ بأنَّه: ترجيحُ المذهبِ الفقهي، والذبُّ عنه، ودعمه بالأدلةِ الشرعيةِ (^٣).
وبناءً على ما تقررَ آنفًا: فلا ينهضُ للانتصارِ للمذهبِ على الوجهِ الأمثل، إلا المتضلعُ في الأصولِ والفروعِ، المستوعبُ لأَصولِ مذهبِه وفروعِه، العارفُ بأصولِ المذاهبِ الأخرى، وفروعها (^٤).
(^١) يؤكد ذلك أيضًا النظر في الكتب المؤلفة المعنونة بـ "النصرة أو الانتصار"، ككتاب (الانتصار لأهل المدينة) لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الفخار المالكي (ت: ٤١٩ هـ) وكتاب (تهديب المسالك في نصرة مذهب مالك على منهج العدل والإنصاف في شرح مسائل الخلاف) لأبي الحجاج يوسف الفندلاوي المالكي (ت: ٥٤٣ هـ).
(^٢) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (ص/ ٤٥٣).
(^٣) مناصرة المذهب وأثرها العلمي (ص/ ١٤١)، مطبوع ضمن مجلة جامعة الزيتونة، العدد الأول، السنة الأولى عام ١٩٩٢ م. وانظر: تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد السايس (ص/ ١٨٠).
(^٤) انظر: ظاهرة الانتصار للدكتور محمد المصلح (٥/ ٣٦٣) ضمن بحوث ملتقى القاضي عبد الوهاب البغدادي.