Revolusi Puisi Moden dari Baudelaire Hingga Zaman Kini (Bahagian Pertama): Kajian
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Genre-genre
والسماء راحت تصب الظلمات
فوق هذا العالم البارد التعيس.
والقصيدة توضح ما يقصده بودلير من هذا الحلم الذي جعله عنوانا لها: إنه تعبير بالصور عن بناء ذهني وروحي مركب، يسجل انتصاره على الطبيعة والإنسان في رموز مشتقة من عالم المعادن والأحجار والعناصر، ثم يلقي بهذه الصور المركبة في المثالية الفارغة، لتشع مرة أخرى فتسكر العين ببهائها الرائع، وتشقي النفس برعبها الفظيع. (11) التفكيك والتشويه
لعل تحليل بودلير للمخيلة أن يكون أهم إضافة ساهم بها في نشأة الشعر والفن الحديث. فهي عنده الملكة الخلاقة، بل هي الملكة (بكسر اللام!) التي تتربع على عرش القدرات البشرية. ولكن كيف تعمل هذه الملكة التي تبدو هي والحلم شيئا واحدا؟ لنقرأ ما كتبه عنها في سنة 1859م: «إن المخيلة تفكك
Décompose
العالم كله؛ إنها تجمع أجزاءه وتنظمها وتخلق منها عالما جديدا، بمقتضى قوانين تنبعث من أعمق أعماق النفس» (ص773).
نستطيع أن نقول إن هذه العبارة تنطوي على مبدأ أساسي من مبادئ علم الجمال الحديث أو على الأصح «علم الاستطيقا». ووجه الحداثة فيها أنها تضع «التفكيك»، أو «التحطيم» في بداية العمل الفني، ويؤكد بودلير هذا المعنى في إحدى رسائله حين يضيف إلى «التفكيك» كلمة أخرى هي «العزل» أو «الفصل».
وتفكيك الواقع أو عزل أجزائه التي ينقسم إليها معناه تغيير شكله وتعديل بنائه، أي تشويهه. والتشويه تعبير يرد بكثرة في كتابات بودلير ويستخدم بمعنى إيجابي. فهو يعبر عن قوة ذهنية وروحية، تفكك الواقع وتحطمه وتخلق منه عالما جديدا يختلف كل الاختلاف عن العالم الواقعي المنظم، أو بناء غير واقعي لا يمكن أن تحكمه القواعد والنظم التي تسيطر على عالم الواقع المألوف.
كل هذه إشارات وفروض نظرية لم يطبقها بودلير على شعره إلا في مواضع قليلة، بيد أن تأثيرها على الشعر من بعده كان بالغ القوة. ويكفي أن نتذكر شعر رامبو لنرى مدى ما حققته عبارة بودلير السابقة عن المخيلة من جرأة وجسارة. لقد كان الهدف الأساسي دائما هو الرغبة في الخلاص من أسر الواقع الضيق. ولن نستطيع أن نقدر القيمة الحقيقية لفكرة المخيلة أو الخيال الخلاق عند بودلير حتى نقارنها بفكرة النسخ الفوتوغرافي التي تصادف ظهورها وانتشارها في عهده. لقد احتج بودلير مرارا على هذا اللون من التصوير الحرفي للواقع، وأكد بذلك - كما قدمنا - أنه بعيد عن الاتجاه الواقعي أو الطبيعي الذي يكتفي بنسخ الواقع.
والظاهر أن من قوانين الوجود أن يؤدي الإفراط في شيء إلى النقيض منه؛ فالتحمس في تصوير الواقع نتيجة لاكتشاف الفوتوغرافيا، قد ساعد على استهلاك هذا الواقع الضيق المحدود وأغرى المخيلة بالاتجاه إلى عالم الخيال الحر. ويشبه هذا رد الفعل الذي نتج عن التحمس للنزعة الوضعية العلمية في العصر الحديث؛ مما أدى للرجوع إلى دراسة الإنسان وبعث التيارات الميتافيزيقية والوجودية على اختلاف مذاهبها. ويتصل هذا الاحتجاج على نسخ الواقع بالتصوير الفوتوغرافي باحتجاج بودلير على العلوم الطبيعية، فالمحاولات التي تبذلها للتغلغل إلى العالم والتحكم في الطبيعة هي في رأيه تضييق للعالم وتضييع لأسراره. ولذلك كان من الطبيعي أن يكون إطلاق الخيال إلى أقصى طاقاته هو الرد على تلك النزعة التي ثار عليها حسه الفني.
Halaman tidak diketahui