Revolusi Puisi Moden dari Baudelaire Hingga Zaman Kini (Bahagian Pertama): Kajian
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Genre-genre
هلموا بنا نجري نحو الأفق، تأخر الوقت، فلنسرع الجري،
فقد نلتقط على الأقل شعاعا مائلا!
لكن عبثا أسعى وراء الإله الذي يتوارى؛
الليل الذي لا يقاوم ينشر سلطانه،
أسود، رطبا، فظيعا، وشديد الرعب؛
رائحة القبر تسبح في الظلمات،
وقدمي المتوجسة تدوس على حافة المستنقع،
على الضفادع والقواقع الباردة.
وليس من العسير أن نفهم رموز القصيدة. فهي تدل على الظلام الكالح المطبق وفقدان النفس لشعاع الأمل الذي تبقى لها في الغروب. ولا بد للشاعر أن يتشبث بالظلام والشذوذ حتى يستطيع أن يقول شعرا يتفق وروح العصر وقدره. الظلام هو الملجأ الوحيد الذي تبقى للنفس الموحشة الغريبة على ذاتها، والمكان الوحيد الذي تستطيع أن تبدع فيه الشعر وتهرب من تفاهة «التقدم» الذي يتقنع به الزمن الأخير؛ ولذلك فليس عجيبا أن يصف بودلير «أزهار الشر» بأنها «لحن نشاز من وحي آلهة الزمن الأخير».
وبمثل ما اختلفت نظرة بودلير إلى الزمن الأخير أو نهاية الزمن عن الرومانتيكيين اختلفت كذلك نظرته إلى فكرة الحداثة. والفكرة عنده مركبة شديدة التعقيد. فهي من الناحية السلبية تدل على عالم المدن الكبيرة الذي يفيض بالعقم والقبح والخطيئة، عالم الشوارع المسفلتة، والأضواء الصناعية والإعلانات واللافتات البشعة، ووحدة الإنسان الضائع وسط الزحام؛ عالم التقدم والتكنيك الذي يعمل بالبخار والكهرباء. والتقدم في رأي بودلير هو ذبول الروح وضمورها بالتدريج وسيطرة المادة سيطرة تزداد كل يوم. وكثيرا ما نقرأ في كتاباته عن «الاشمئزاز اللانهائي من اللافتات، والصحف اليومية وطوفان الديمقراطية التي تسوى بين جميع الأشياء». وهذا كلام يشبه ما يقوله ستندال وتو كفيل، كما يشبه ما سيقوله فلوبير فيما بعد. ولكن بودلير يزيد على ذلك فينظر إلى الحداثة من زاوية أخرى. فهي عنده فكرة تنطوي على تنافر ونشاز، ولكنه ينتزع من جوانبها السلبية شيئا له سحره وجاذبيته. فالشر والبؤس والسقوط والظلام والتقدم الآلي والافتعال ... إلخ ؛ تنطوي كلها على عناصر مثيرة يستطيع الشاعر أن يفيد منها. لا، بل إنها تنطوي على أسرار يمكن أن توجه الشعر وجهة جديدة. وكل من يقرأ «زهور الشر» سيلاحظ مقدرة بودلير على إضفاء الروح الصوفية على ركام المدن الكبيرة وبث أنفاس الروحانية في أكوامها وقاذوراتها، وليس معنى هذا أنه يريد العودة إلى الطبيعة كما أرادها روسو. فهو يؤكد كل فعل يلغي الطبيعة، أو يعمل على تأسيس مملكة الفن والصنعة المطلقة. ونحن نحس من إحدى قصائده المشهورة أن الكتل الحجرية المكعبة التي تزدحم بها المدينة الكبيرة - وهي كتل صماء خلت من الحياة الطبيعية وأصبحت مأوى للشر والفساد - أنما تمثل حرية العقل، كما تعبر عن الروح الخالص. وسنجد أصداء هذه الفكرة المتأخرين، وسنلاحظ أن الشعر الأوروبي في القرن العشرين لا يزال ينشر هذه الغلالة الصوفية التي اكتشفها بودلير فوق المدن الكبيرة.
Halaman tidak diketahui