Revolusi Puisi Moden dari Baudelaire Hingga Zaman Kini (Bahagian Pertama): Kajian
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Genre-genre
وسوف نرى كيف تستمر هذه المشاعر كلها في قصائد بودلير، وكيف تتغير وتتحول بالتدريج ...
ويتأثر الرومانتيكيون الفرنسيون بالنماذج الألمانية في تفسيرهم لطبيعة الشعر والشعراء. فالشاعر عندهم كاهن في معبد الفن المقدس، ونبي وعراف لا يفهمه أحد. والشعراء يؤلفون حزبا يعارض جماهير الطبقة الوسطى (البرجوازية) ثم يؤلفون فيما بينهم أحزابا يعارض بعضها البعض. وتفقد العبارة المشهورة التي صاغتها الناقدة التي اشتهرت برحلتها في ألمانيا وكتابتها عن الأدب الألماني، مدام دي ستايل، وهي أن الأدب هو التعبير عن المجتمع؛ تفقد هذه العبارة معناها.
ويتكرر في الأدب ما حدث في الثورة من احتجاج على المجتمع القائم، ويصبح أدب الرفض أو أدب «المستقبل»، وأخيرا يصبح أدب انعزال فخورا بوحدته وانفراده. وتتحقق فكرة روسو من أن الأصالة في الأدب تعتمد على الشذوذ والغرابة فتؤمن بها هذه الأجيال والأجيال اللاحقة.
ما من شك في أن تجارب العذاب والألم والكآبة والعدمية التي تغنى بها الشعراء كاذبين أو صادقين قد أطلقت كثيرا من طاقاتهم الكامنة، وأدت للشعر نفسه خدمات جليلة، فلقد ازدهر الشعر الفرنسي في ظل الحركة الرومانتيكية وبلغ قمة مجده الذي استمر قرابة ثلاثة قرون. والذي يقرأ هذا الشعر سيجد فيه أشياء رائعة لا يقلل من روعتها أنها لم تنتشر على صعيد القارة الأوروبية. لقد استفاد من تلك الفكرة التي ذاعت في كل مكان من أن الشعر هو اللغة الأولى أو اللغة الأم للبشرية، اللغة الشاملة للذات الشاملة التي لا تعرف حدودا فاصلة بين المواد والموضوعات، ولا تعرف كذلك الحدود الفاصلة بين الحماس الديني والحماس الشعري. وقد استطاع الشعر الرومانتيكي في فرنسا أن يعمق التجارب الباطنة ويلونها، ويتأثر تأثرا خلاقا بالأجواء الغريبة في بلاد الجنوب وبلاد الشرق، ويبدع أجمل الشعر وأرقه في الحب ووصف الطبيعة، ويثبت قدرته الفائقة على التمكن من الصنعة. سنحس بهذا الشعر الخطابي الخصب الذي يومض كاللهب عند فيكتور هيجو، وسنرى مع ذلك أنه قد يوفق، في أحيان كثيرة إلى التعبير عن لواعج الباطن، توفيقه في رسم صور نابضة بالحياة. وسنجد في شعر موسيه مزيجا من التهكم المرير والألم الدفين، وفي شعر لامارتين عذوبة النغم الصافي الذي وصفه بأنه ناعم الملمس كالقطيفة.
ولو أردنا أن نفتش هنا عن بدايات الشعر الحديث والمعاصر لوجدناها في الاهتمام باللغة، والبحث عن الطاقات الكامنة في الكلمة . إن فيكتور هيجو لم يكتف بتطبيق هذا على شعره بل حاول أيضا أن يبرره ويثبته مستعينا بعدد كبير من الشعراء السابقين عليه. اقرأ مثلا هذه العبارة من تأملاته
contemplations : «الكلمة كائن حي، وهي أقوى ممن يستخدمها؛ إنها وهي التي خرجت من الظلام تخلق المعنى الذي تشاؤه، إنها هي ما ينتظره منها الفكر والرؤية والعاطفة في الخارج وأكثر منه أيضا، هي اللون، والليل، والفرح، والحلم، والمرارة، والمحيط، واللانهاية، إنها كلمة الرب ...»
وسوف يكون علينا أن نذكر هذه العبارة كما نذكر عبارات أخرى جاءت على لسان ديدرو ونوفاليس إذا أردنا أن نفهم فكرة مالارميه عن قدرة اللغة على المبادرة والمبادأة، وإن كنا سنجد عند مالارميه من الضبط والإحكام ما لم نجده في عبارة هيجو المتوهجة بالحماس. (6) الشذرة والمسخرة
ربما بدا عنوان هذه الفقرة غريبا منفرا، ولكنه يدل على فكرتين من الأفكار الرئيسية في مفهوم الشعر الحديث. ونبدأ بنظرية المسخرة (أو الجروتيسك) التي شرحها فيكتور هيجو في المقدمة المشهورة التي كتبها لمسرحيته «كرومويل (1827م)». والنظرية جزء من نظريته في الدراما، وتعد في الحقيقة من أعظم ما أضافته الرومانتيكية الفرنسية. ولعل جذورها أن تكون ممتدة في أقوال فريدريش شليجل عن الدعابة والتهكم اللذين تتصل بهما معان أخرى تحدث عنها أيضا مثل الاختلاط (الكاوس)، والخفة الأبدية، والتهريج المتعالي (الترنسندنتالي) وطابع الجزئية أو الشذرة. ذلك شيء نرجحه ولا نقطع به، اعتمادا على ما قلناه من تأثر الرومانتيكيين الفرنسيين بجيرانهم الألمان، وبخاصة نوفاليس وشليجل.
مهما يكن من شيء فقد ومضت في مقدمة فيكتور هيجو (وكان عمره إذ ذاك خمسة وعشرين عاما) بعض الخواطر الأصيلة التي تنبئ بأحد المظاهر الرئيسية في الشعر الحديث وإن كان من الواجب مع ذلك ألا نقيسها بمقياس عقلي دقيق، ونقصد بذلك خواطره عن السخرية والمسخرة.
وقد كانت كلمة المسخرة في بداية الأمر تعبيرا يرد في لغة الرسامين للدلالة على الزخارف التي كانت ترسم على هامش اللوحات أو التهاويل التي تمثل ما يشبه الإطار المحيط بها وتصور في الغالب موضوعات خرافية. ثم اتسع مفهوم الكلمة منذ القرن السابع عشر وانتشر في مجالات الأدب والفن المختلفة فأصبحت تدل على كل غريب أو عجيب أو مضحك أو مشوه تشويها يبعث على السخرية.
Halaman tidak diketahui