Revolusi Puisi Moden dari Baudelaire Hingga Zaman Kini (Bahagian Pertama): Kajian
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Genre-genre
مثل هذا الشعر «الموضوعي في ظاهره» لا يكاد يبقي من الإنسان إلا اللغة الخلاقة والخيال الطليق. إن تجريد المضمونات وردود الأفعال النفسية من طابعها البشري هو النتيجة الضرورية التي ترتبت على السلطة غير المحدودة التي أعطاها العقل الشاعر أو الذات الشاعرة لنفسها. لقد أصبح الشاعر الحديث «دكتاتورا» مع نفسه. إنه يحاول أن يلغي نزعاته الطبيعية ويسلخ نفسه عن العالم أو يسلخ العالم عن نفسه لكي يؤكد حريته في التخيل والخلق وتجديد اللغة ويثبت قدرته على الثورة والاحتجاج والإغراب. وتلك هي المفارقة الكامنة فيما نسميه طرح النزعة البشرية. (7) التوحد والقلق
هل يعني هذا أن الشعر الحديث - على طريقته المختلفة عن شعر الأقدمين - لا يعبر عن مضمون نفسي، ولا ينقل لنا إحساسا ولا شعورا؟
ليس أبعد عن الصواب من هذا الظن. فالشعر الحديث ينقل إلينا الكثير على الرغم من أنه ينفر في مجموعه من إيجاد تلك العلاقة الحميمة التي كان يعتز بها الشعراء الأقدمون بين الشاعر وبين جمهوره من القراء. بل إنه ليغالي في ذلك في بعض الأحيان حتى ليوشك المرء أن يعتقد بأنه لا يبحث عن «معجبين» بقدر ما يبحث عن كارهين أو غاضبين.
وأبرز الإحساسات التي ينقلها إلينا الشعر الحديث، هو الإحساس بالوحدة والقلق؛ فالشاعر - كما يقول الكاتب النمسوي روبرت موزيل - هو أشد الناس شعورا بوحدة الذات في العالم ووحدتها بين غيرها من البشر، والفكرة قديمة بغير شك، وجدت قبل الرومانتيكية وبقيت حية بعدها ولكنها قد أصبحت في أيامنا فكرة جديدة كل الجدة، ترتبط ببدعة العصر أو حقيقته التي ذاعت اليوم على كل لسان من أن العصر الذي نعيش فيه هو عصر «القلق» والوحدة والضياع في الزحام. ولعل الناس لا تتفق في شيء يتعلق بالشعر والشعراء كما يتفقون على أنهم أناس متوحدون قلقون.
وقد عبر الشاعر أبوللينير عن ذلك في قصة نثرية بعنوان «الشاعر المقتول»
11 (1916م) أو المغتال. والقصة تصور أحداثا عجيبة غير منطقية تنتهي إلى تصوير جريمة القتل التي ترتكبها جميع البلاد في حق جميع الشعراء! وتنتهي القصة بأن يصنع أحد المثالين للشاعر المقتول «تمثالا من العدم». والقصائد الأخيرة لشاعر التعبيرية الأكبر «تراكل»
12 (1887-1914م) تثبت أن وحدته مع نفسه كانت وحدة مطلقة. والشاعر سان-جون بيرس يقول عن اللغة التي يستخدمها في قصيده الطويل المشهور «منفى» (وتجد بعض مقتطفات منه في هذا الكتاب): «إنها لغة المنفى النقية.» وإن دل هذا كله على شيء، فهو يدل على أن القلق قد أصبح سمة العصر التي يتحدث عنها الجميع كما كانوا يتحدثون قديما عن «القمر» أو «الشوق»، حتى إن أحد الشعراء الإنجليز وهو و. ه. أودن، قد كتب في سنة 1946م قصيدة مشهورة بعنوان «عصر القلق» (1946م). ولكن الأمر ليس مجرد بدعة أو تقليد؛ فما أكثر القصائد الأصيلة التي تشهد بهذه التجربة الأساسية في وجدان الإنسان الحديث.
ولنعقد الآن مقارنة سريعة بين الجو العام الذي يسود إحدى قصائد شاعر قديم نسبيا مثل «جوته» وبين بعض قصائد المعاصرين. فهو يتحدث في قصيدته «سكون البحر» التي يحتمل أن يكون قد كتبها في سنة 1795م، عن الفضاء الشاسع المخيف، والبحر الساكن العميق الذي لا تتحرك فيه موجة ولا تهب عليه نسمة:
سكون عميق يسود المياه
وبلا حركة يمتد البحر،
Halaman tidak diketahui