Revolusi Puisi Moden dari Baudelaire Hingga Zaman Kini (Bahagian Pertama): Kajian

Abdul Ghaffar Makawi d. 1434 AH
124

Revolusi Puisi Moden dari Baudelaire Hingga Zaman Kini (Bahagian Pertama): Kajian

ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة

Genre-genre

والحقيقة أنه لا يتحدد إلا حين يصفه وصفا سلبيا فيسميه العدم

Le néant

وبذلك يخطو مالارميه الخطوة الأخيرة الحاسمة التي تكمل الخط الذي تتبعناه من بودلير ورامبو ووصفناه «بالمثالية الفارغة» أو «الترانسندنس الخاوي».

لا يمكننا أن نتتبع في هذا المجال كيف وصل مالارميه إلى فكرة العدم، ولا كيف تأثر فيها بالفلسفة الألمانية (هيجل وشيلنج وفشته) كما يرجح بعض الدارسين، فقد يناسب ذلك بحث آخر مستقل ولكننا سنقتصر على بعض الملاحظات التي تتصل بشعره قبل كل شيء. فالملاحظ أن مالارميه بدأ منذ سنة 1865م يستخدم في قصائده كلمة «العدم» للتعبير عن نفس الموضوعات التي كان يعبر عنها في قصائده السابقة بكلمات مثل «زرقة السماء» أو «الحلم» أو «المثال». صحيح أن الشاعر حر في اختيار كلماته، ولكن تغير الكلمات هذا التغير الملحوظ يدل بغير شك على تغير في الموقف الفكري والفلسفي، وبخاصة إذا تذكرنا أن هناك كلمات معدودة تتكرر في قاموس كل شاعر كبير ويمكن أن تكون دليلا على منحاه الفكري والنفسي.

ومن أبرز الأمور دلالة على هذا الاتجاه عند مالارميه هذه العبارة التي يقولها في إحدى رسائله سنة 1866م: «العدم هو الحقيقة.» ومن أبرز النصوص أيضا هذا النص الهام المحير الذي أشرنا إليه من قبل وهو الذي جعل عنوانه الظرف اللاتيني

Igitur (بالتالي - ولهذا السبب) والذي كتبه سنة 1869م. والنص محير كما قلت؛ محير في طريقة كتابته التي تشبه الكلمات المتقاطعة التي تنتشر على الصفحة بغير ترتيب كما تنتشر النجوم على صفحة السماء.

والحق أنني لست متأكدا من فهم النص، ومع هذا فسوف أعرض عليك ما فهمته منه. إنه يتكلم عن شخصية غريبة تتأرجح بين المطلق والعدم، والمطلق يدل على حالة من المثالية تلاشت منها كل «مصادفات» وأعراض العالم المادي والتجريبي. ولكن الخطوة التي تؤدي إلى المطلق تمر بالمحال أو العبث (لاحظ ورود هذه الكلمة المشهورة في أيامنا عند مالارميه) أي تمر بمرحلة تتخلى فيها هذه الشخصية عن كل ما هو طبيعي ومعتاد وحي. ولكن المطلق - الذي لم يسمه بهذا الاسم إلا لأنه يدل على «الانطلاق» والخلاص من كل صلة بالزمان والمكان والأشياء - هو العدم نفسه في نهاية الأمر.

يقول «إجيتور» في نهاية القسم الثاني تحت عنوان «يترك الغرفة ويضيع بين السلالم» (ص439 ): «دقت ساعة الرحيل. سيحل نقاء المرآة، بغير هذه الشخصية، رؤية ذاتي، لكنه سيحمل النور معه! الليل! فوق الأثاث الفارغ، احتضر الحلم في هذه القنينة الزجاجية (التي تحمل السم!)، نقاء، يشتمل على جوهر العدم.»

إن «إجيتور» يحاول الفكاك من أسر الصدفة والخروج من ممر الزمن بماضيه وحاضره، والعودة إلى ذاته خلال النظر في المرآة، والوصول إلى المطلق واللامتناهي عن طريق التحرر من الصدفة. إنه يفعل كل ما يستطيع ليتحرر منها ويلغيها: يغلق الكتاب، يطفئ الشمعة، يضرب الزهر، يرقد على ذرات تراب الأجداد، يشبك ذراعيه على صدره. غير أن المطلق يتلاشى. ويتبين أن كل فعل يقوم به مع الصدفة فعل عقيم؛ لأنها توجد دائما ولا توجد، وتحتوي المحال أو العبث في حالة الكمون. ويهبط أخيرا إلى المقابر على شاطئ البحر ومعه قنينة السم التي «تحتوي على قطرات العدم التي يفتقر البحر إليها.» ويرقد المسكين على تراب النجوم، ويلقي الزهر أمامه، وعندما يسكن يكون الزمن أيضا قد توقف بكل ما فيه من حياة ومن موت، ولا يبقى في نهاية المطاف غير الفضاء الفارغ المطلق، أو العدم.

حرص مالارميه على ألا يغرق نفسه في تأملات نظرية عن العدم. وعلينا نحن أيضا أن نتجنب ذلك ما أمكن، وإن كان هذا لا يمنعنا من التنويه بأهمية هذه الفكرة في شعره. وينبغي ألا يغيب عنا على كل حال أن هذه الفكرة السلبية، بل أشد الأفكار في سلبيتها، قد نفذت بكل هذه القوة إلى إحدى قمم الشعر الحديث، لكي ترسل بعد ذلك ضوءها المعتم على الشعر المعاصر كله.

Halaman tidak diketahui