Revolusi Islam dan Pahlawan Nabi: Abu al-Qasim Muhammad bin Abdullah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Genre-genre
رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر (سورة البقرة). فصالح يتعقب خطوات النبي الشيخ الذي هاجر بزوجته وولده في سبيل الاستعمار والرزق والتوحيد، ودعاء إبراهيم: بارك الله لكم في اللحم والماء. ولو وجد عند زوجة ابنه حبا لدعا لهم بالبركة فيه، فكانت تكون أرضا ذات زرع. وهذه الدعوة توسل بها إبراهيم عندما نزل بيت ابنه إسماعيل في غيبته وقدمت له زوجة ابنه لحما وماء، فباركهما وهو يعلم أن الوادي غير ذي زرع.
لقد دلت الحفريات التي قامت بها بعثة إنجليزية في سنة 1935 على أن إبراهيم في الشام والعراق وما بينهما، وأن هجرة هاجر وإسماعيل إلى الحجاز واقعة تاريخية في نظر علماء التاريخ الحديث لأنها حلقة من سلسلة الهجرات التي قامت بها القبائل العربية ذهوبا وعودة من الواحات إلى الصحاري، ومن الممالك الآهلة بأسباب الحضارة إلى الوديان والهضاب على مدى الأجيال الطويلة، وإن لديهم لدليلا علميا على صحة هذه الهجرة، وهو اسم «هاجر» نفسه. أما سبب تلك الهجرة فقد اختلف المؤرخون في تعليله؛ فزعم البعض أن سارة زوجة إبراهيم التي صحبته في مصر رأت ميلاد إسماعيل من هاجر، وكانت عاقرا وفي سن اليأس، فغارت غيرة الزوج العقيم من الزنوج الخصيبة، فحتمت خروج هاجر بولدها حتى لا تنغص برؤيتها، فأطاعها الخليل لأن هاجر كانت أمة لسارة من جواري مصر اللواتي أصابهن الخليل مما أصاب من الغنى في أرض الفراعنة.
وزعموا أن سارة حملت بإسحاق، وهاجر حملت بإسماعيل في وقت واحد، فوضعتا وشب الغلامان فتسابقا فسبق إسماعيل، فأخذه إبراهيم وأجلسه في حجره وأخذ إسحاق إلى جانبه فغضبت سارة وقالت: «عمدت إلى ابن الأمة فأجلسته في حجرك، وعمدت إلى ابني فأجلسته إلى جنبك!» قالته متعصبة على ابن ضرتها.
وأخذها ما يأخذ النساء من الغيرة؛ فحلفت لتقطعن من هاجر بضعة ولتغيرن خلقها تشويها لها، لتقلل من حب إبراهيم إياها ... ثم ثاب إلى سارة رشدها فتحسرت في يمينها فقال لها إبراهيم «أخفضيها
3
واثقبي أذنيها.» ففعلت ذلك، فصارت سنة في النساء! وهذا السبب كالأول، وفيه تعليل فني للعادات التي درج عليها النساء.
وقيل تضارب إسماعيل وإسحاق كما يتهارش الأطفال؛ فغضبت سارة على هاجر وحلفت أن لا تساكنها في بلد واحد، وأمرت إبراهيم أن يعزلها عنها، فأوحى الله - تعالى - إلى إبراهيم أن يأتي بهاجر وابنها إلى مكة. ونحن نرى أنه مهما اختلفت الأسباب فالنتيجة واحدة؛ وهي أن القبائل التي كان يتزعمها إبراهيم لم تكن قد استقرت على نظام اجتماعي من النظم التي تميزت بها الجماعات المتوطنة في مكان واحد.
فإن إبراهيم لما نجا من غيظ النمرود وناره خرج مهاجرا إلى ربه بعد أن تزوج من ابنة عمه سارة، وخرج بها يلتمس الفرار بدينه والأمان على نفسه ومن معه فقدم إلى مصر.
وإذن كانت معه جماعة أو قبيلة هو زعيمها وشيخها ورئيسها، وهذه الجماعة أو القبيلة كانت حتما على رأيه في أمور الدين والدنيا؛ فهذه هجرة صحراوية صريحة لا شك فيها، وبعد أن جرى له في مصر ما جرى وهب فرعون لسارة هاجر، وهي جارية مصرية جميلة، فتزوجها إبراهيم، وأقام إبراهيم بناحية من أرض فلسطين بين الرملة وإيلياء وهو يضيف من يأتيه، وقد أوسع الله عليه وبسط له في الرزق. إلى هنا يفهم أن قبيلة إبراهيم كانت تعيش تحت نظام الأبوة؛ أي سيادة شيخ القبيلة وزعيمها، فهذا الشيخ هاجر من وطنه، وهو بلا شك وطن سامي عربي، واخترق الصحراء إلى مصر، وأقام فيها إلى أن أثرى، ثم عاد لفلسطين وهو أكثر غنما وخدما، ومر ببلاط بعض الملوك، واستقر نوعا، وأخذ يضع يده على الأرض التي غرس بها أوتاد خيامه ويحكم قبيلته ويكرم أضيافه، فلما أراد الله هلاك قوم لوط بعث رسله إلى إبراهيم يأمرونه بالخروج من بين ظهرانيهم كما خرج من بلد أبيه ناقما على عبادة الأوثان. وهذه هي المرة الثانية التي تتحرك العناية الإلهية لتقصي إبراهيم عن مواطن الشر والأذى، وسوف تتحرك تلك العناية بعد ذلك فتأمره بالنزوح إلى الحجاز، ثم تأمره بذبح ولده، ثم تأمره ببناء البيت الحرام. ولا نخالف العقائد الصحيحة أن نقول إن افتراق إبراهيم ولوط كان أيضا بسبب حياة الصحراء التي تحتم الارتحال في سبيل الماء والمرعى؛ فكل قبيلة - وإن قل عددها - مضطرة لأن تنقسم ليلجأ كل قسم إلى مرعى وماء يكفيه، كما حدث في تاريخ مكة من أن قضاعة لما أقبلت على قريش انقسمت، فمنهم من ذهب إلى الشمال، ومنهم من ذهب إلى الشرق، وكذلك تروي لنا التوراة قصة افتراق لوط عن إبراهيم بسبب اقتصادي، ولكن بعض المؤرخين يعلل ذلك بعناية الله بإبراهيم لإنقاذه من الهلاك الذي سيلحق قوم لوط، فالسبب الديني ورد في كتاب الإعلام للنهروالي، والسبب الاقتصادي ورد في كتاب الزواج والقرابة عند العرب لروبرتسون سميث، وهما يؤيدان رأينا. وإذن كان إبراهيم في تلك الفترة يعيش تحت نظام سيادة الوالد، ولكن في حياة سارة نفسها ما يدل على نظام الأمومة أو الكفالة، من ذلك الزواج نفسه؛ فقد كانت سارة أخته لأبيه لا ابنة عمه، وكان مثل هذا الزواج مباحا، كما كان في أثنيا ومصر وبلاد العرب؛ ففي مصر تزوجت الفرعونات من إخوتهن (نيتوكريس)، وحذت كلوبطرة حذوهن، وهي يونانية، ولكنها ولدت في مصر وحكمتها. وفي الجاهلية تزوج عوف والد عبد الرحمن بن عوف الصحابي الشهير من أخته لأبيه (النووي، ص385)، ومثل هذا في أمثال الميداني، ج2، ص288، والضبي، ص69. ولم تمح العلاقة التي لا تتفق مع الحضارة إلا بنصوص صريحة في القرآن الكريم. والدليل الثاني على آثار عهد الأمومة في حياة سارة سلطتها الظاهرة في بيت إبراهيم؛ فقد أمرته بإقصاء الزوجة الأخرى وابنها فأطاع، وهذه السلطة لا تكون إلا في نظام الأمومة، فسارة كانت تعتبر نفسها الآمرة الناهية في حياة إبراهيم، مع أنه نبي وخليل الرحمن وله معجزات. وقد بلغت سلطتها أنها تقسم بأن تشوه خلق ضرتها هاجر؛ فيصير هذا التشويه سنة تتبعها النساء على مدى الأجيال؛ أي إن ما كانت تقصد به سارة إلى الشر ينقلب خيرا محضا، ولم يقصر هذا على ثقب الأذن والخفاض، بل إن نفي هاجر وابنها إسماعيل إلى واد غير ذي زرع أدى إلى تأسيس شعب ودولة ودين عظيم.
وهنا تظهر نظرية «سابقية القضاء» في تاريخ الإنسانية وتوجيهها إلى الخير؛ فإن خروج هاجر وإسماعيل لم يكن نفيا مجردا عن الغاية، بل كان المقصود به بناء البيت في تلك البقعة القحلاء الجرداء «واد غير ذي زرع»، وقد أصبحت كل حركة وسكنة من حركات الأم وطفلها ذات معنى تاريخي؛ فإن سيرها بين الصفا والمروة في طلب الماء للطفل العطشان، أو للفرار من رؤيته وهو في النزع كما توهمت هاجر، قد صار أحد مناسك الحج، وهو السعي بين الصفا والمروة.
Halaman tidak diketahui