ووصاهم أحمد نصر بشيء من الصمت كي لا تتبدد ثمرة السهرة. ودارت الجوزة دوراتها الختامية المركزة.
وارتفع القمر عن مجال الأبصار، وهو وحده الذي قرأ في نظرة سمارة هزيمة حزينة. وتبددت وجوههم شاحبة ناعسة، وجادة أيضا على رغمهم. ورمق مصطفى سمارة باهتمام، وسأل عن رأيها فيما سمعت، فقال رجب: لم يخلق آخر الليل للمناقشة.
فلماذا خلق؟ ذهبوا جميعا عدا علي السيد وسنية كامل. وما لبثت الصالة أن خلت له. وجاء عم عبده كالعادة فأنجز مهمته دون أن يتبادلا كلمة، ثم ذهب. وزحف نحو الشرفة فرأى القمر من جديد متألقا في مركز القبة المرصعة. ناجاه مغمغما أن ليس كعوامتنا شيء؛ الحب لعبة قديمة بالية، ولكنه رياضة في عوامتنا، الفسق رذيلة في المجالس والمعاهد، ولكنه حرية في عوامتنا، والنساء تقاليد ووثائق في البيوت، ولكنهن مراهقة وفتنة في عوامتنا، والقمر كوكب سيار خامد، ولكنه شعر في عوامتنا، والجنون مرض في أي مكان، ولكنه فلسفة في عوامتنا، والشيء شيء حيثما كان، ولكنه لا شيء في عوامتنا. أيها الحكيم القديم «إيبو-ور»، أقدم بعصرك الذي اضمحل فيه كل شيء إلا الشعر وأسمعنا الغناء، حدثني ماذا قلت لفرعون، أقبل الحكيم «إيبو-ور» وهو ينشد:
إن ندماءك قد كذبوا عليك،
هذه سنوات حرب وبلاء.
قلت: أسمعني مزيدا أيها الحكيم! فأنشد:
ما هذا الذي حدث في مصر؟
إن النيل لا يزال يأتي بفيضانه.
إن من كان لا يمتلك، أضحى الآن من الأثرياء.
يا ليتني رفعت صوتي في ذلك الوقت!
Halaman tidak diketahui