ويخيل إلي أن الحركة ستجري على الوجه الآتي:
فتاة تغزو مجموعة من الرجال لتغيرهم. يجب أن تنجح في ذلك بطريقة فنية، وإلا ما كان للمسرحية معنى. امرأة جادة ورجال عابثون. وتلزمني قصة حب. ومن الممتع حقا أن يقع الجميع في حبها، وعليها هي أن تختار واحدا، أو أنها ستقع وهي لا تدري في حب أحدهم. وينفسح المجال لصراع حاد بين الجدية والعبث والحب ، بل يجب أن يتأزم الموقف بين الحب والجدية كي لا تفتر المسرحية، ولكن هل تمضي كقصة غرامية في إطار من صراع فكري؟ هل تقتصر على المناقشات الفكرية والمناجاة الغرامية؟ وكيف ومتى يتم التطور في الحدث بإقناع فني؟ هل يتم بناء على مناقشات؟ هل يتم بناء على العاطفة؟ ينقصني شيء هام جوهري فما هو؟ كيف يمكن تحويل أناس عابثين إلى عقيدة؟ وما مدى اتساع هذه العقيدة؟ هل يكفي أن تغطي الموقف الاجتماعي؟ أعني هل يكفي ذلك لبعث البطولات؟
على أي حال فإنني على بينة الآن من الأفكار التي علي أن أبلورها وأوضحها لأجعل منها محور المسرحية، ويحسن بي أن أدون أفكاري ومعلوماتي الأساسية عن شخصيات الرواية - بأسمائهم الحقيقية مؤقتا - لعل في ذلك خلاصا من حيرتي؛ إذ إنه من المحتمل أن تتدفق الحركة في مجرى تلقائي إذا وضحت الشخصيات واستقرت معالمها الأساسية. (2) أشخاص المسرحية
أحمد نصر
موظف كفء فيما يقال، ذو خبرة مذهلة بالحياة اليومية والعملية. موفق في حياته الزوجية، وله ابنة في سن المراهقة، متدين روتيني فيما أعتقد. وهو في الجملة شخص عادي، ولا أدري كيف يخدم أغراض المسرحية. وثمة سؤال هام: لماذا يدمن الجوزة؟ ولندع جانبا ما يقال عن البواعث الجنسية، فهل عنده ما يهرب منه؟ على أي حال يجب خلقه من جديد باعتباره غير قانع في أعماقه باستغراق الوظيفة والأسرة لحيويته. إنه يشعر في زاوية من نفسه بأنه مسئول، أو يجب أن يكون مسئولا عما يجري حوله. ولأنه مؤمن فهو أعظمهم توازنا، ولكنه رغم ذلك، وربما بسبب ذلك أيضا، يحزنه أنه شيء لا يقدم ولا يؤخر في الحياة. على ذاك يمكن أن نعد اهتمامه المشهور بالمشكلات الصغيرة - كإدمانه - نوعا من الهروب من إحساس التفاهة الذي يطارده، وسيمارس تعاسته الخفية دون وعي، وسيظل في الظاهر الرجل المتوازن المؤمن المطمئن المفيد، حتى تكشفه البطلة أمام نفسه، وربما في سياق غرامه بها.
مصطفى راشد
محام. لا بأس أن أبقي له على مهنته تبريرا لقوته في الجدل. ساخرا جدا وخفيف الروح . متزوج من امرأة لا يحبها، ولعله تزوج منها طمعا في مرتبها قبل كل شيء، ويزعم أنه يبحث عن أنموذجه الأنثوي الذي لم يصادفه بعد. والحق أن الذي لا يمارس العشق في هذه العوامة فهو رجل غريب ينطوي ولا شك على سر دفين؛ لعله الإدمان، وهو يعي خواءه النفسي تماما. ويجد ملاذه في الجوزة والمطلق، ولكنه لا يعي - فيما يبدو - الخدعة التي يخدع بها نفسه، وهو يتطلع إلى المستحيل بلا منهج ولا جهد حقيقي، معتمدا على التأمل المسطول، كأن المطلق ما هو إلا مبرر للإدمان، ولكنه يهبه إحساسا بالعلو فوق تفاهته الحقيقية، وهو - ككثيرين ممن أقابلهم في الحفلات العامة - ذو مظهر براق بالثقافة، وباطن أجوف متداع تفوح منه التعاسة والنتانة.
علي السيد
أزهري النشأة. أتم دراسته بعد ذلك في كلية الآداب، وأتقن الإنجليزية في مدارس برلتز؛ فهو مناضل وعلى بينة من هدفه القريب العملي. وله زوجتان؛ القديمة من القرية، والجديدة من القاهرة ولكنها ست بيت، امرأة تقليدية لترضي نوازعه المحافظة للسيادة، وهو ينوه بقلبه الكبير الذي أبقى على الزوجة الأولى، ولكنه خنزير كما تشهد بذلك علاقته الغريبة بسنية كامل. وكناقد فني فهو وغد كبير، يقيم أسسه الجمالية على المنفعة المادية، فلا يضطر إلى قول الحق إلا إذا خانه الحظ، وعند ذاك ينقلب هجاء ساخرا بلا رحمة، ويطارده الإحساس بالتفاهة والخيانة والعبث، فيمضي في سبيل الجوزة والأحلام الغريبة عن إنسانية جديدة تتخايل أمام عينيه الذاهلتين من خلال الضباب المهلك. وهو مثال لطائفة من المعاصرين الذين يهيمون على وجوههم بلا عقيدة ولا خلق، ولا يتورع عن ارتكاب جريمة إذا أمن من العقاب.
خالد عزوز
Halaman tidak diketahui