وإذا كان من حقنا - نحن الشرقيين - جميعا أن نؤمن بهذه الفكرة الصالحة، فمن واجبنا أن نحترس من مغبة الاغترار بها ومن سوء الفهم الذي يخشى أن تسوقنا إليه.
فمن سوء فهمها أن نفهم أننا مبرءون من العيوب معصومون من الخطأ، أو نفهم أن عيوبنا هينة لا تكلفنا المشقة في إصلاحها، وأن أخطاءنا قليلة لا تعاودنا في كل آونة من حياتنا مع أنفسنا أو حياتنا مع أقوامنا.
كلا، بل لنا عيوب غير هينة، ولنا أخطاء غير قليلة، غاية ما يعزينا فيها أن نؤمن بأننا قادرون على تصحيحها وعلى اجتنابها، وأنها ليست بالأبدية التي لا تفارقنا كما زعم المفترون عليها.
أما تلك العيوب التي تفترى علينا، فهي التي تفرض علينا القصور كارهين وطائعين كما يزعمون، وهي التي نعرفها أو نجهلها على حد سواء؛ لأن الحيلة فيها عبث، والأمل في الخلاص منها مفقود.
تلك العيوب ننكرها ونشتد في إنكارها، وليس قصارانا في تبرئة أنفسنا منها أننا نحب أنفسنا، وأننا نشتهي أن نحمدها بحقها أو بغير حقها، وإنما ننكرها ونشتد في إنكارها؛ لأننا نستند إلى خير سند من الواقع الذي لا ريب فيه ، ولأننا نعلم من هذا الواقع أننا سبقنا السابقين إلى ثقافة المعرفة وثقافة العقيدة قبل أربعين قرنا، وأننا أعطينا العالم حظا منهما لا يزول منذ أربعة عشر قرنا، وأن ما كان في ماضي الزمن غير مرة ليكونن غير مرة في الزمن القريب، وفي الزمن البعيد.
Halaman tidak diketahui