Tiga Lelaki dan Seorang Wanita
ثلاثة رجال وامرأة
Genre-genre
الفصل الثاني
1
ولم تكن محاسن أول من عرف محمود أو أحب أو كاد يتزوج، أو خاب له فيها أمل؛ فقد سبقت له علاقة بفتاة مدنرة مدرهمة، ولم يكن يعرف حين عرفها أن لها مالا، أو يعبأ بذلك. وننصف محمودا فنقول: إنه يؤمن بشيئين: أن من المهانة أن يكون الزوج فقيرا وامرأته غنية، وليس معني هذا أن على المرأة الغنية أن تنزل عن مالها لبعلها حتى يعتدل الميزان في رأي محمود، وإنما معناه أنه ليس مما يحفظ مروءة الرجل ويصون كرامته أن يتزوج امرأة لمالها، وقد يكون هذا رأيا عتيقا، ولكنه رأيه الذي يذهب إليه بدافع من إدراكه الخاص لمعني الكرامة، والثاني: أنه كان - على كونه مهندسا - يؤثر أن يكون «صحافيا»، ويظن ذلك خيرا له وأجدى عليه من تطبيق العلم على العمل، وأبى أبوه له هذا كل الإباء، وأنكر أن ينفق على تعليمه ما أنفق ليكون شيئا محسوبا في الدنيا فيصير «جورنالجيا»، ووفق محمود بين هواه وهوى أبيه، واتفق مع صحيفة على أن يكون مراسلها من ميدان السباق، وفاز بفضل ذلك ببطاقة تخوله دخول الميدان من غير أن يؤدي الرسم المفروض، والآن نجيء إلى ما صار يؤمن به؛ وهو أن الصحافي - فقد أصبح صحافيا بشهادة بطاقة السباق - لا يجوز له أن يتزوج؛ ولو كان أمر التشريع إليه في ذلك الوقت لجعل الصحافة من موجبات العزوبة كبعض الأمراض.
ولم يكن يعرف عن الخيل شيئا، ولا كان مطالبا بهذا العلم، وكان حسبه وحسب الصحيفة أن أندية السباق معارض جمال وأزياء وملتقى كل من هب ودب، ولم يكن عليه إلا أن يجعل باله إلى مناظر الناس لا إلى الخيل وإلى ما يكون منهن، وكفى بهذا تعليقا على السباق.
وقد لقي مرة واحدا من الأجلاف الذين تراهم في كل مكان يحسن أن يخلو منهم، فسأله - أي الجلف - بلا سلام أو تحية: أشر علي؛ على أي حصان ألعب؟
قال محمود: وهل أنا أعرف؟!
وكان صادقا في نفي العلم بالجياد وقيمتها في السباق؛ نعم كان يراهن، ولكنه لم يكن له في الاختيار فضل؛ فقد كان له صديق من المدربين لا يزال يتحفه بأسماء الجياد التي يتوقع لها الفوز، فيراهن بما شاء على ما شاء، ويجعل عينيه كما أسلفنا، لا على الجياد، بل على الناس؛ لأن القول فيهم هو العمل الذي يؤديه للصحيفة التي منحته البطاقة - أو الكارنيه - ويربح أو يخسر - يربح في الأغلب - بفضل هذا المدرب، وهو غير فاهم لماذا ربح أو خسر.
فقال - أي الجلف أيضا - بابتسامة ثقيلة: سم أي حصان، ولو بثلاث أرجل، يكفي أن تختاره ليكسب.
قال محمود: ماذا تعني؟
قال الجلف - وهو يضحك: إنه يسأل ماذا أعني! أعني أنك ولدت وفي فمك ملعقة من فضة.
Halaman tidak diketahui