يؤتكم كفلين من رحمته
[الحديد: 28]، فخص بالسيئة هربا من التكرير، وللتطرئة، وبهذا يجاب فى رد ابن هشام فى المسائل السفرية على من قال الكفل فى الشر، بأن يقال مراد قائله الغلبة، وقيل النصيب يشمل الزيادة والكفل والمساوى، والشفع ضد الوتر، فمن ذلك ضم الدافع أو الجانب نفسه إلى ذى الحاجة، ومنه ضم الجار نفسه إلى لمشترى فى الشراء، والجار أحق بصقبه، والنصيب فى القليل والكثير، والكفل فى المثل، فاختير فى جانب السيئة: من جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها، ويعترض بقوله:
يؤتكم كفلين من رحمته
[الحديد: 28] لأنه فيه بمعنى الأكثر لا المساوى، فإن الحسنة بعشر، قال صلى الله عليه وسلم:
" من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب استجيب له، وقال الملك آمين "
، ولك مثل ذلك { ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها } مقدار من الذنب مساو لها، والمعين على الشىء والدال عليه كفاعله، أو مقدار من الذنب بسببها، ودخل فى الشفاعة الحسنة الدعاء للمسلم، فإنه شفاعة إلى الله، وفى الشفاعة السيئة الدعاء لمن لا يستحق بالسوء، لأنه شفاعة إلى الشيطان، كما قيل المراد بالشفاعة السيئة دعاء اليهود على المسلمين بالسوء، وقيل إطلاق الشفاعة فى السوء مشاكلة، وأصلها فى الخير، وليس كذلك لأن الشفع ضد الوتر، وقيل الشفاعة السيئة النميمة، وقيل من يشفع كفره بقتال المؤمنين، قال صلى الله عليه وسلم:
" من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى فقد ضاد الله تعالى فى ملكه، وما أعان على خصومة بغير علم كان فى سخط الله حتى ينزع "
، وتجوز الشفاعة من الحدود إلى الدية { وكان الله على كل شىء مقيتا } قادرا أو شهيدا، أو حافظا، وأصله من القوت، لأنه يقوى البدن، وياؤه عن واو، وقيل معناه المجازى.
[4.86]
{ وإذا حييتم بتحية } جائزة شرعا، سلام أو غيره واختار النبى صلى الله عليه وسلم السلام عليكم وجعله حسنة مؤكدة عند الملاقاة، وقيل واجبة، وأما عند دخول بيوت غيركم فالسلام واجب بنص القرآن، وقال الجمهور: المراد إذا حييتم بلفظ من ألفاظ السلام، مثل السلام عليكم، وسلام عليكم، وعليكم السلام، وعليكم سلام، وعليك وعليك وعليكما وعليكن بجواز الجمع والتذكير ولو مع المفرد المؤنث لقصد الملائكة، والسلام عليكم ورحمة الله، وينبغى الجمع فى الفرد والاثنين ليعم الملائكة بقصده فيجيبوا، ودعاؤهم لا يرد، والتحية تفعلة أصله تحيية بإسكان الحاء وكسر الياء الأولى وفتح الثانية، نقلت كسرتها للحاء وأدغمت فى الثانية، وأصل هذا تحيى بوزن تعليم وتقديس، حذفت الياء الثانية وبقيت الأولى والثالثة، وعوضت التاء عنها، وأصل معناه دعاء ببقاء الحياة ثم جعل دعاء بالخير، وكل خير معه حياة، وقيل المراد العطية، وهو قول قديم للشافعى ببغداد أو بمصر فجديد، فيكافىء بأفضل أو بالمثل، ويقال تحية النصارى وضع اليد على الفم، وبعض منه بالكف، واليهود الإشارة بالأصابع، والمجوس الانحناء والعرب، عم صباحا، وحياك الله، وبعد الإسلام السلام عليكم { فحيوا } من حياكم، ويكفى رد الصبى والمرأة والعبد، وقيل فى الشابة المشتهاة إنه لا يجزى ردها، ولا يجزى رد المشرك، وقيل يجزى { بأحسن منهآ } إن كان من سلم عليكم مؤمنا، وقال البخارى: فى الأدب، وابن أبى شيبة مطلقا، ويعنى للمشرك أمر الدنيا كما قال الشعبى { أو ردوهآ } ردوا مثلها، فأحسن منها، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ورد مثلها وعليك السلام،
Halaman tidak diketahui